شركة ثبات لتطوير وإدارة الأوقاف

قواعد «بازل 3» ترفع وتيرة إصدار الصكوك الإسلامية في 2014

الاثنين 9 جمادى الأولى 1435هـ 10 مارس 2014م

انطلقت مع بداية عام 2014 موجة جديدة من توسيع قاعدة النظام المالي الإسلامي، ونشاط المصرفية الإسلامية بإعلان العشرات من البنوك الإسلامية وبنوك مركزية عالمية، عزمها إصدار المزيد من الصكوك خلال العام الحالي تجاوزت حتى الآن ستة مليارات دولار مع توقعات ببلوغها 20 مليار دولار بنهاية العام، وذلك بدفع من قواعد «بازل 3»، التي دفعت أكبر بنوك العالم للبدء في تنفيذ قواعد رأس المال الجديدة بالكامل قبل خمس سنوات من الموعد النهائي في 2019.

وقالت لجنة «بازل»، التي تتألف من جهات رقابية في نحو 30 دولة إن العجز الإجمالي لدى أكبر 102 بنك في العالم وصل إلى 5.‏57 مليار يورو بحلول يونيو (حزيران) 2013 بعد أن كان 115 مليار يورو في نهاية 2012.

ويجري تنفيذ قواعد اللجنة – التي تعرف بمعايير «بازل 3» لرأس المال والتي جاءت رد فعل عالمي على الأزمة المالية في 2007 – 2009 على عدة مراحل ويتعين الامتثال لها بالكامل بحلول مطلع 2019. وتحت ضغط الأسواق والجهات الرقابية تحركت البنوك سريعا لتعزيز رأس المال لتبديد الشكوك بشأن قوتها.. وفي التقرير التالي نرصد أبرز الإجراءات التي تمت من قبل المصارف والبنوك المركزية الإسلامية والعالمية في مجال إصدار الصكوك هذا العام:

* مصارف وبنوك

* قال مسؤول ببنك مسقط في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي إن أكبر بنك عماني يخطط لبرنامج سندات إسلامية قيمته 500 مليون ريال (1.3مليار دولار) هذا العام ويتوقع إصدار أول صكوك لبنك عماني في سبتمبر (أيلول).

ونقلت صحيفة «تايمز أوف عمان» عن سليمان الحارثي، المدير العام للأنشطة المصرفية الإسلامية قوله إن البنك سيطلب موافقة المساهمين على برنامج الصكوك خلال اجتماع يعقد في 19 مارس (آذار) ثم يسعى لنيل موافقة الجهات التنظيمية.

وأبلغ الحارثي الصحيفة أن الصكوك ستصدر على شرائح بآجال استحقاق وعملات متنوعة، وأن بعضها سيطرح في الأسواق العالمية وسيخصص جزء للاكتتاب العام وجزء كإصدارات خاصة. وأضاف أن الصكوك ستساعد في تفادي أي عدم تطابق بين موجودات البنك والتزاماته.

وإصدار الصكوك مكون مهم لتطوير قطاع البنوك الإسلامية في سلطنة عمان آخر دولة بمجلس التعاون الخليجي تسمح بالأنشطة المصرفية الموافقة لأحكام الشريعة.

وبنك مسقط من بين عدد من البنوك التقليدية العمانية التي تتيح الخدمات المالية الإسلامية من خلال وحدات مستقلة إلى جانب بنكين إسلاميين بالكامل انطلق نشاطهما العام الماضي هما بنك «العز الإسلامي» وبنك «نزوى».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي باعت شركة «تلال للتطوير العقاري» أول صكوك في البلاد لتجمع 50 مليون ريال من بيع الإصدار وهو لأجل خمس سنوات.

وبحسب بعض المسؤولين تضع الحكومة العمانية خططا لبيع صكوك سيادية قد تصدر هذا العام.

وقال الحارثي إن بنك مسقط يسعى لنيل موافقة المساهمين على إصدار صكوك آخر قيمتها مليار ريال سعودي (265 مليون دولار) لفرعه السعودي، كما سيطلب البنك موافقة المساهمين على زيادة حجم برنامجه القائم لإصدار سندات خارجية متوسطة المدى إلى ملياري دولار من 800 مليون دولار.

من جهته أعلن بنك بابليك الماليزي أنه يسعى لإصدار صكوك، التزاما بمعايير «بازل 3»، وذكرت خدمة «إي.إف.أر»، التابعة لـ«تومسون رويترز» أن ذراع المعاملات الإسلامية لمصرف «بابليك بنك» ثالث أكبر المصارف في ماليزيا تقدمت باقتراح للبنك المركزي لإصدار صكوك بقيمة خمسة مليارات رنجت (1.5مليار دولار) لتلبية معايير «بازل 3».

وبموجب معايير «بازل 3»، التي تنفذ على مراحل خلال فترة زمنية تمتد لعدة سنوات ترفع البنوك رؤوس أموالها وتصدر أنواعا جديدة من السندات يمكن شطبها أو تحويلها إلى أسهم في وقت الأزمات. وقال مصرفيون إن البنوك الإسلامية في ماليزيا تتحرك ببطء نحو زيادة رأس المال وذلك لأسباب منها أنها لا ترى حاجة عاجلة لرأسمال إضافي. وأظهر إشعار للبنك المركزي أن «بابليك إسلاميك بنك»، المملوك بالكامل لمصرف «بابليك بنك» قد يكون ثالث بنك ماليزي يصدر صكوكا التزاما بمعايير «بازل 3».

البنك الأهلي التجاري السعودي أنهى من جانبه عملية طرح صكوك إسلامية بالريال السعودي لتعزيز الشق الثاني من رأسمال البنك بقيمة خمسة مليارات ريال (1.3 مليار دولار) في إصدار لقي إقبالا واسعا من المستثمرين، وقال البنك في بيان له الأسبوع الماضي إنه تم تغطية الاكتتاب بهذه الصكوك بنحو 2.1 مرة، مما أدى لرفع حجم الإصدار من أربعة مليارات ريال، كما كان مخططا أصلا إلى خمسة مليارات ريال دون أن يؤثر ذلك على عملية التسعير. وجرى تسعير هذه الصكوك على 110 نقاط أساس فوق مستوى «السايبور» لمدة ستة أشهر. و«السايبور» هو معدل العرض (على عوائد الودائع) بين البنوك وبعضها.

في المقابل أعلن بنك الخليج الأول قبل أيام عزمه إصدار صكوك إسلامية بقيمة 07.1 مليار دولار في ماليزيا. ونقلت «رويترز» عن وكالة التصنيف الماليزية «آر إيه إم ريتنغ» أن ذراع بنك الخليج الأول «صكوك كومباني» سوف يتولى الإصدار، ويحظى فرع البنك بتصنيف (AAA) مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة التصنيف الماليزية المذكورة.بحسب جريدة «الخليج».

وتأتي الخطوة في ظل ارتفاع عدد الشركات التي تقصد ماليزيا لإصدار صكوك إسلامية، حيث بلغ نصيبها منها عام 2013 أكثر من 63% من إصدارات الصكوك عالميا.

في تركيا، أكد بنك «البركة» التركي أنه يخطط هذا العام لإصدار صكوك إسلامية بقيمة 300 إلى 400 مليون دولار بعد أن نجح في أبريل (نيسان) الماضي من إصدار صكوك بقيمة 200 مليون دولار.

* بنوك مركزية عالمية

* من أهم البنوك المركزية في العالم التي أعلنت عزمها طرح صكوك هذا العام كانت وزارة المالية البريطانية، وقالت الخزانة في بيان: «من المتوقع إجراء الإصدار خلال 2014 – 2015 من خلال طرح مشترك، تتوقع الحكومة ضم أعضاء آخرين للمشاركة مع اقتراب الوقت، وذلك بقيمة نحو 200 مليون جنيه إسترلينى (329.94 مليون دولار).

تونس من جانبها وعلى لسان محافظ البنك المركزي التونسي قال لـ«رويترز» مطلع الشهر الحالي إن تونس تعتزم لأول مرة إصدار سندات أجنبية بنحو 1.8 مليار دولار بضمان أميركي وياباني وصكوك إسلامية بقيمة 435 مليون في 2014.

وقال الشاذلي العياري، محافظ البنك المركزي: «لدينا عمليات إصدار سندات هذا العام من بينها سندات بقيمة 880 مليون دولار في أميركا بضمان الحكومة الأميركية ومليار دولار في اليابان بضمان الحكومة اليابانية.. نسعى أن تكون أغلب الإصدارات في النصف الأول من هذا العام».

وأضاف: «لدينا موافقة من الولايات المتحدة واليابان بضمان السندات».

وقال محافظ البنك المركزي إن تونس ستصدر لأول مرة بنهاية أبريل أو مايو (أيار) المقبل صكوكا إسلامية بقيمة 700 مليون دينار (435 مليون دولار) بضمان البنك الإسلامي للتنمية.

وأضاف: «انفراج الأزمة السياسية في تونس والمصادقة على الدستور وحكومة مستقلة فتح الأبواب المغلقة للاقتصاد في تونس».

وأشار إلى أن البداية كانت مع صندوق النقد الدولي الذي أفرج عن 500 مليون دولار من قرض كان مجمدا. وأضاف أن الصندوق سيصرف هذا العام لتونس 1.3 مليار دينار (809 ملايين دولار) من قرض بإجمالي 1.7 مليار دولار اتفق عليه مع تونس.

ونهاية الشهر الماضي صرف الصندوق قسطا من هذا القرض بقيمة 507 ملايين دولار.

وكشف العياري عن أن البنك الدولي سيقرض تونس أيضا هذا العام 500 مليون دولار من بينها 250 مليون دولار ستصرف في شهر مارس، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي سيمنح بدوره قرضا بقيمة 250 مليون يورو في الفترة المقبلة.

انتقد محافظ البنك المركزي في موريشيوس تأخر الجزيرة في تطوير التمويل الإسلامي قائلا إن هذا التباطؤ قد يحرم القطاع المالي من فرص نمو ويزيد المخاطر. وقال رونديرسينغ بينيك في خطاب سنوي إن موريشيوس تحتاج إلى تشريعات للنهوض بالقطاع المالي. ويحاول البلد الأفريقي تنويع النشاط الاقتصادي لتقليل الاعتماد على السياحة والمنسوجات.

ويمثل المسلمون أقل من خمس سكان موريشيوس البالغ عددهم 3.‏1 مليون لكن طرح أدوات مالية مثل السندات الإسلامية / الصكوك / قد يساعد على اجتذاب استثمارات من صناديق إسلامية في الخليج وجنوب شرق آسيا.

وقال بينيك في الخطاب: «أقر بأن علينا أن نغطي بعض النواحي لحماية النظام المالي من المخاطر ونزيد عمق سوق المال. طرح الصكوك.. من المجالات التي ما زلنا متأخرين فيها كثيرا». وأضاف أن التباطؤ يرجع في الأساس إلى مصاعب في وضع التشريعات اللازمة وأن «جهة رئيسة» لم تغير سلوكها لتسهيل ذلك الأمر. ولم يذكر اسم تلك الجهة.

وقال المحافظ، الذي يدعو منذ انضمامه إلى البنك المركزي في 2007 للاتجاه إلى التمويل الإسلامي: «أستغرب ذلك التباطؤ في مبادرات تهدف لتعزيز أمن نظامنا المصرفي والمالي». ويأتي الخطاب المفتوح – الذي دعا فيه المحافظ أيضا إلى مزيد من الاستقلال للجنة السياسة النقدية – بعد أسابيع من خلاف بين البنك المركزي ووزارة المالية بشأن مستويات أسعار الفائدة في الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي. وعدلت موريشيوس قوانينها في 2008 لتسمح للحكومة بجمع تمويل من خلال الصكوك، لكن بينيك قال إن الحكومة لم تدرج الصكوك على جدول إصدارات الدين العام على الرغم من دعوات البنك المركزي.

وقال محافظ البنك: «هذا يهدد فرصنا في لعب دور أكبر في عالم التمويل الإسلامي الدولي المتنامي». ويعمل البنك على تنفيذ مبادراته الخاصة للتمويل الإسلامي في حدود إمكاناته. وقال بينيك إن البنك وصل إلى المراحل النهائية لتصميم أداة إدارة سيولة متوافقة مع الشريعة بناء على صيغة المرابحة. وينسجم ذلك مع دور البنك المركزي في موريشيوس بصفته عضوا مؤسسا في المؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة ومقرها ماليزيا، وهي مؤسسة مدعومة ببنوك مركزية في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.

في المغرب كذلك، أفصح وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي يوم الأربعاء الماضي أن الحكومة وافقت على مشروع قانون لتنظيم عمل البنوك الإسلامية وإصدارات الصكوك بعد أشهر من التأجيل. وينص المشروع على أن منح الاعتماد للبنوك الإسلامية يمكن أن يقتصر على ممارسة بعض الأنشطة المرتبطة بتلقي الودائع ومنح القروض، إلى جانب خدمات الاستثمار والخدمات المرتبطة بها والممكن مزاولتها، شريطة التقيد بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة في هذا المجال، كما يشير المشروع إلى ضرورة توفير منتجات وخدمات مالية لفائدة المواطنين المقيمين، وكذلك المغتربين. وسيكون إقرار القانون الخطوة الأخيرة قبل إنشاء بنوك إسلامية في المغرب تتقيد في كامل عملياتها بأحكام الشريعة.

* إجراءات التدقيق والمعايير

* وحول إجراءات التدقيق والمعايير اللازمة في إصدار الصكوك الإسلامية، وسعت عدة دول من بينها ماليزيا وباكستان خلال السنوات الأخيرة لإصلاح قواعد التمويل الإسلامي، وشملت الإصلاحات رقابة نشطة على مجالس الرقابة الشرعية. وفي ماليزيا يتحمل الفقهاء مسؤولية قانونية عن المنتجات المالية التي يقرونها وقد يحكم عليهم بدفع غرامة أو السجن في حالة ارتكاب مخالفات، فيما دعت مؤسسات معنية ومن بينها صندوق الوقف البحريني – وهو مؤسسة لا تسعى للربح أسسها مصرف البحرين المركزي – إلزام المؤسسات المالية الإسلامية بإجراء تدقيق خارجي لمدى التزامها بمبادئ الشريعة يسهم في تقوية هذا الالتزام وتحسين صورة الصناعة.

وحول العالم تعزز جهات رقابية التدقيق في ممارسات التمويل الإسلامي بما في ذلك المجالس الشرعية التي تقرر مدى توافق الأنشطة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

وبما أن أعضاء المجالس الشرعية يحصلون على أجورهم في الغالب من المؤسسات التي يراقبون أنشطتها فإنهم عرضة لاتهامات بتضارب المصالح، مما قاد لدعوات لإشراف منفصل ومستقل.

وتأسس صندوق الوقف في 2006 من جانب 21 مؤسسة من بينها بنوك ويركز بصفة أساسية على مبادرات تعليمية. والاقتراح ليس ملزما للجهات التنظيمية في البحرين ولكن يبدو مرجحا أن تتبناه، بما أن رئيس مجلس إدارة صندوق الوقف خالد حمد هو المدير التنفيذي للرقابة المصرفية في مصرف البحرين.

وفي حين أن البحرين هي المعنية بالمقترح، فقد يكون له تأثير على المصرفية الإسلامية عالميا بفضل دور البحرين المحوري في هذه الصناعة. ويتفق الاقتراح مع ضغوط متنامية لإصلاح نظام الرقابة الشرعية في دول أخرى، فعلى سبيل المثال اقترح محافظ بنك الكويت المركزي محمد الهاشل في ديسمبر (كانون الأول) تشكيل كيان قانوني مستقل يراقب كيفية توثيق المؤسسات المالية الإسلامية لتوافقها مع الشريعة الإسلامية.

ويضع صندوق الوقف إطار عمل للرقابة الشرعية الخارجية مع فريق هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. وذكر الصندوق في بيان أنه ينبغي على الجهات التنظيمية أن تجعل الرقابة الشرعية المستقلة ملزمة من أجل تحقيق الفائدة المرغوبة.

كما دعا صندوق الوقف لتطوير معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بما يتيح المزيد من التفاصيل عن الرقابة الشرعية وأعمال التدقيق مع إلزام المشاركين في عملية التطوير بالحصول على شهادة الرقابة الشرعية من الهيئة.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط السعودية.