استشارات عامة
(10)
وقف المرهون
س/: شخصٌ أوصى بوقف مبنيين مرهونين، وهو يسدد للصندوق فهل له تعليق الوقف على ذلك؟ وإنْرغب الورثة في عدم الإيقاف، فهل لهم ذلك؟
س/: كذلك امرأة كبيرة في السن، لديها أرض، ونزل لها قرض، وترغب ببنائها شقق ثم وقفها بعد سداد القرض مِن ريعها ولها جزء من دخلها في حياتها وبعد الموت كلها وقف، فما الطريقة المثلى لذلك؟
الجواب:
القاعدة تقول: «المرهون لا يُوقَف، والموقوف لا يُرهَن». وهذا النوع من الأوقاف «وقف المرهون» الذي يتم من خلال الوصية، نعتقد أنّ ضرره على الأسرة أكبر مِن نفعه؛ لِمَا يُحْدِثه مِن إشكالات وخلافات بين الورثة.
مَن يجيز الوقف المعلَّق؛ فاﻷمر واسع، فيعلِّق الوقف على سداد الدَّين وفكّ الرهن.
ومَن لا يجيزه، فيمكن أن يكون الوقف منجزا، ويكون أول مصارفه سداد الدَّين المرهون به. ونفقة الواقفة في حياتها ثم المصارف اﻷخرى وعدم التوثيق في المحاكم ابتداءً، لا يعني عدم الثبوت شرعاً وديانةً، وكذا هي محل تقدير قضائي، فلو قدّمت وثيقة بهذه الصيغة أُشْهِدَ عليها، فإثباتها قضاءً ليس بعيداً – والله أعلم – .
ويُقترَح على الواقفة وأولادها التشارك في الوقف؛ الرهن توثّقة للدَّين، فيباع المرهون لسداد الدَّين.
تنبيه: لا يُعْرَف أنّ «البنك العقاري» في المملكة باع بيتاً مرهوناً بديونه.
وعلى هذا، فمتى تحقّقنا مِن قدرة ريع العقار على الوفاء، أوْ وُجِد ضامِنٌ للدَّين، فلا مانع من وقف العين بشرط وفاء الدَّين مِن الريع أو مِن الضامن.
وعدم إمكان التوثيق لا يعني عدم وقوع الوقف، فلا يعلّق وقفه بل ينجّزه، ويكون الدَّين على الوقف، والوقف له ذمة تقبل ذلك، أَلَمْ ينصّ الفقهاء على الاستقراض للوقف لإصلاحه ويُسدَّد مِن ريعه؟
كذا هنا، غالب البيوت قيمتها أكثر مِن دَين الصندوق، وريعها يفي بقسط الصندوق،وقاعدة «المشغول لا يُشغَل»، قاعدة نسبية، فيمكن للوقف أنْ ينشغل بالدَّين، وبإمكان ريعه أنْ يغطّيه، ولو التزمنا ذلك في كل الدُّيون لأغلقنا باباً واسعاً مِن أبواب الوقف، وهو وقف اﻷعيان المشتراة بالدَّين، وغالب أوقاف المؤسّسات الخيريّة مُتَوَجَّه إليها في هذا الزمن.
وخروجاً مِن كثرة الإيرادات، يمكن أنْ نشترط كفيلاً ضمينا بالدَّين، كما لو تكفّل الواقف بسداد أقساط الصندوق، وهنا الوقف تم على عين مملوكة، غاية ما فيها رهنها بِدَين يمكن وفاؤه مِن الرِّيع أو الضامن. والله أعلم.
مسألة لها علاقة بالرهن:
إذا قال «وقفت هذا المنزل للهبشرط أنْ يُسَدَّد مِن ريعه أقساط الصندوق»؛ فإن مِن الأمور التي يحسن التذكير بها في مثل هذه الحال:
1– عدم حثّ الناس على الإيقاف عند عدم اكتمال الملكيّة.
2– عدم الإثقال على النفس بالإيجاب عليها مالم يوجِبه الله.
في حالة كتابة ذلك في الوصية، فلابُدّ مِن مراعاة أمور؛ منها:
1– حصر الأموال جميعها، نقديّة وعينية.
2– حصر الدُّيون وإسقاطها مِن أصول الأموال.
3– معرفة هل للميت مِن وصيّة، وما مقدارها، وهل تزيد على ثلث المال أم ﻻ؟
غالباً القرض يُعْفَى مِن قِبَل الدولة بعد موت المقترض.
والسؤال الثاني: العقار بعد فكّ رهنه مِن الدولة، الأصل أنّه أصبح حقّا للورثة،فهل تُوصِي بوقف عقار سيُفَكّ رهنه بعد الموت؟ المحاكم – فيما يُتراءَى – لا تثبته.
وفي قول جابر رضي الله عنه: “لم يكن أحد مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذومقدرة إلا وقف».[1] دروس، منها: أنّهم يملكون عليهم رضوان الله، فلا نعرف مِن فِعْلالصّحابة رضي الله عنهم أنهم يُوقِفُون ما لا يملكون.
واستكمالاً للاستشارة السابقة وبعد سؤال الأبناء الثمانية تبين أن كل واحد يدفع شهريّاً (2000 ريالا) لإكمال البناء لعدم كفاية القرض، وهم يدفعون بنيّة الوقف عن والدتهم، ولكن بعد أنْ ذكر في وصيّته أنّه “وقف بعد فك رهنه”، هل يعني ذلك أنّه لو مات لا يُوقَف وأنّه يحقّ للورثة عدم إنجازه؟
إذا تكفّل أحد الورثة بسداد القرض، فإنّ الجمهور على عدم جواز الوقف المعلّق بخلاف شيخ الاسلام ابن تيمية ومن وافقه فهم يرون جواز ذلك.
أمّا الوصية بوقف مرهون يُسدَّد، فهل يُسَجَّل الوقف بعد سداد القرض أم قبله؟
فإنّ الوضع في المحاكم قد يختلف؛ لأنه سيكون مرهوناً، والأَوْلى في هذه المسألة الوصية بأنْ يكون هذا بعد الممات، وبعد سداد الدَّين؛لعدم اكتمال البناء؛ ولوجود القرض؛ ولأنّ الملكية لم تكتمل.
مسألة أخرى لها علاقة بالرهن:
رجل يريد وقفَ مبانٍ مرهونة للصندوق العقاري، فما الكيفية والصيغة التي يستطيع إثبات الوقف من خلالها؟
لا يمكن ذلك؛ لأنّه في حال الاستفسار مِن جهة المحكمة عن الصكوك، ستتم الإفادةبأنّ الصكّ مرهون
لكن ينبغي الانتباه؛ فقد يكون العقار في الوصية أكثر مِن الثلث، وهذا مُشْكِل، ويمكن معالجته بدون وصية “وقف معلق” إذا انتهى الرهن فقد وقفت العقار، لكن هل يثبت في المحاكم؟ ألا يعتبر هذا المال من الوصية؟
للتحميل أضغط على أيقونة التحميل