استشارات الصياغة والتوثيق
(16)
وقف المصنع وضمه لوقف اسهم
أوقف أحد التجار أسهم استثمارية مباحة، وينوي إنشاء مصنعٍ ليضمه لصالح هذا الوقف فما الحكم؟
والجواب:
أنّ هذه الصورة لها حالتان:
الأولى: أنّ الموقِف يملك المصنع وأرضه فهنا لا إشكال أبداً، وله أن يضمه إلى الوقف الآخر
الثانية: أنّ الموقِف يملك المصنع فقط، وأرض المصنع لا يملكها بل استأجرها من الدولة فهنا فيها إشكالية من حيث كونه لا يملك الأرض فهذه الصورة تلحق بوقف المنافع، وقد اختلف الفقهاء في مسألة وقف المنافع، ولعل الراجح فيها جوازه وهو قول المالكية [1]
والصورة التقليدية المعروفة لوقف المنافع هي: وقف العين المؤجرة كأن يستأجر إنسانٌ دارا ثم يوقفها. وقد شاعت هذه الصورة لأنّ الإجارة من أوسع أسباب ملك المنفعة، وفيما وراء ذلك فإن كل من يملك عينا لها منفعة أو ثمرة أو غلة فإنه يملك حق وقف تلك المنفعة أو الثمرة أو الغلة على القول بجواز وقف المنافع الذي انتهى إليه البحث، وفي زماننا هذا كثرت المنافع ذات الثقل لكثرة الأعيان نفسها، وتعدد أنواع استغلالها واستثمارها طلبا لمنافعها فمن يملك ـ مثلا ـ طائرة يمكنه أن يقف منفعة ركوبها للمحتاجين لذلك في مواسم معينة أو من غير تقييد، ومن يملك بساتين يمكنه أن يقف ثمارها على الجهة التي يرى حاجتها لذلك في دورة زراعية محددة أو بإطلاق من غير تحديد، ومن يملك شركات لتعبئة المياه أو لمنتجات الألبان في وسعه أن يقف منتجاته في هذا الإطار على من يرى وقفها عليهم وهكذا [2]
والحنفية لا يجيزون وقف المنفعة؛ لأنها ليست مالاً، ومع ذلك فقد أجازوا وقف المنفعة استثناءً في الأحكار وهي: الأرض التي تعطيها الدولة لبعض الناس ينتفعون بها مقابل أجرة يعطيها المنتفعون، وتستمرّ أيديهم عليها، ويتوارثونها فيما بينهم، لا يتعرّض لهم أحد، ولا تنزعها الدولة عنهم، طالما استمرّوا في الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه الدولة [3]
أمّا الشافعية والمالكية فقد أجازوا وقف المنافع، فقد جاء في مغني المحتاج: «لو وقف بناءً أو غراساً في أرض مستأجرة له، أو مستعارة لذلك، أو موصى له بمنفعتها، فالأصح جوازه» [4]
وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:» يصح وقف كل مملوك ولو بالتعليق، سواء كان عقاراً أم منقولاً أم منفعة» [5]
وهذه الصور المذكور كلها قريبة من الصورة المذكورة في السؤال.
للتحميل أضغط على أيقونة التحميل