شركة ثبات لتطوير وإدارة الأوقاف

يا أهل صور باهر … أين الباسطية

alt

alt

الأحد 21 شعبان 1434هـ 30 يونيو 2013م

الحمد لله الذي جعل فلسطين وما فيها من مدن وقرى وقفاً على الأقصى ومدارسه وهيّأ لهذه السنة أمثال سيدنا عثمان رضي الله عنه الذي أوقف عين سلوان وما عليها على الأقصى وسيدنا صلاح الدين الذي أوقف اللد والرملة وأرض البقعة وجزء من أراضي صور باهر على الخانقاة حتى جاء القاضي زين الدين عبد الباسط فعمّر مدرسة عظيمة على بوابات الأقصى وشيّد أركانها وأوقف عليها أوقافاً كريمة اختصّ قرية صور باهر بها، وقد خرّجت هذه المدرسة العديد من العلماء ودرس فيها العديد من الحفّاظ ورواة الحديث والأطباء وعلماء الفلك والرياضيات، واشتهرت هذه المدرسة في أرجاء العالم الإسلامي ولمع من اسم هذه المدرسة اسم القرية التي أوقفت عليها، والتي كانت أراضيها وعيونها وما فيها ينفق على هذا المعلم الحضاري، ولا يدري العبد فلربما ببركة هذا الوقف كانت أول محاولة في فلسطين لمشروع الوقف الخيري في صور باهر وكتب الله له النجاح.

الموقع

تقع المدرسة الباسطية عند باب فيصل «الباب العتم» في الرواق الشمالي لساحة الحرم القدسي الشريف بالقرب من المدرسة العمرية اليوم من جهة الشرق.

المنشئ

هو القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقي ثم القاهري ولد بدمشق سنة 784هـ، ونشأ فيها، وكان له شأن في دولتي المؤيد والأشرف بارسباي، ولاه المؤيد نظر الخزانة وزير المالية ثم ولاه نظر الجيوش المنصورة في الديار المصرية ولما حكم جقمقا سجنه وصادر أمواله ثم أطلق سراحه وقد بنى مدارس عديدة في مكة والمدينة ودمشق ومن ثم في بيت المقدس وتوفي بمصر سنة 854هـ.

تاريخ الإنشاء

يقول مجير الدين: «إنّ أول من اختطّ أساس المدرسة الباسطية وقصد عمارتها شيخ الإسلام شمس الدين محمد الهروي شيخ الصلاحية وناظر الحرمين فأدركته المنيّة قبل عمارتها، فعمّرها عبد الباسط ووقفها وشرط على الصوفية قراءة الفاتحة عقب الحضور وإهداء ثوابها للهروي».

ويتضح من تاريخ الوقفية أنّ المدرسة أنشئت في عام 834هـ.

وصف المدرسة

يبدأ وصف الباسطية من المدخل الرئيسي والذي كان عبر درجه، مغلق الآن، من الحرم يرتفع إلى باب فوق الرواق، مغلق، يبدو أنّ المدخل من الحرم كان يؤدي إلى دهليز ومن هناك عبر غرفة أخرى إلى ساحة سماوية فوق قاعة للداودارية، من الساحة كان يفتح باب إلى الجزء العلوي من سور الحرم ليؤدي إلى ثلاث غرف رئيسية للمؤسسة كلها تطلّ على الحرم، ولا يوجد أيّ نقش على المبنى.

وقف قرية صور باهر على المدرسة

جاء في سجلّ المحكمة الشرعية رقم 184 ص28 لسنة 1092 – 1093 نسخة من وقفية مؤرخة في سنة 834هـ وهذا نصها: «وقف المرحوم عبد الباسط الخانقاة الباسطية بالقدس الشريف، شرط لعشرة أيتام من أيتام المسلمين يصرف لكل يتيم منهم في الشهر خمسة عشر درهماً أو ما يقوم مقامها من النقود وعليه أن يعلّم الأيتام المذكورين القرآن العظيم والخط العربي بالخانقاة المذكورة، ويصرف للأيتام المذكورين في عيد الفطر مرة كل سنة برسم كسوتهم لكل واحد من الدراهم الموصوفة ثلاثون درهماً، وما فضل بعد ذلك صرف في مصالح الخانقاة المذكورة وفي جامكية السقا، وعلى الفقراء والمسلمين من ذوي الحاجات، تاريخ نسخة كتاب الوقفية في سنة 834هـ قرية صور باهر تابع قدس شريف حصة وقف مزبور 18 ط».

شيوخها ومدرسوها

يلاحظ أنّ المدرسة الباسطية كانت من المدارس البارزة في الإسلام وقامت بدورها في الحركة العلمية ببيت المقدس، حيث درس فيها العديد من العلماء والأجلاء في مختلف الميادين وحتى نلقي الضوء على هذه الحركة لا بد من التعرف لبعض شيوخها.

1 – الشيخ الإمام شمس الدين أو عبد الله محمد بن الخضر الشهير بابن المصري (768 – 841هـ) أول من تولّى مشيخة المدرسة الباسطية والتدريس فيها ذكره مجير الدين بقوله: «إنّ ابن المصري انقطع في آخر عمره بالمدرسة الباسطية، بالقدس الشريف يحدث بها» وتوفي ببيت المقدس ودفن بها.

2 – شرف الدين بن العطار (789 – 853هـ) تولّى مشيخة المدرسة بعد وفاة ابن المصري، وهو أديب بارع، أحد شعراء عصره، مدحه ابن حجر العسقلاني والشحادي وقيل فيه «كان جميل المحاضرة».

3 – تقي الدين القلقشندي (783 – 867هـ) تولّى مشيخة المدرسة بعد ابن العطار، درس العديد من العلوم وتخرج على يديه العديد من الطلبة ومنحهم إجازات علمية ومنهم مجير الدين الحنبلي، فقد أجازه بكتاب ملحة الأعراب للحريري.

المدرسة الباسطية اليوم

ما تزال هذه المدرسة موجودة حتى اليوم ولكنها ليست عامرة بحلقات العلم والعلماء وإنّما عامرة بسكن العائلات فيها، حيث يسكنها حالياً جماعة من آل جار الله.

ختاماً، إلى أهل بلدي الكرام، والذين يبحثون عن تاريخ بلدهم أقول لهم هذا هو التاريخ فاقرؤوه بعز وكرم وفهم، وإنّ أراضي البلدة وما تملكون أمانة في أيديكم وهي موقوفة على مدارس الأقصى فلا تضيّعوا الأمانة وكونوا خير جار لخير بقعة في فلسطين وكونوا أوفياء للعلماء الذين ماتوا على بوابات الأقصى حباً فيه ودفاعاً عنه.

المصدر: صحيفة السبيل الأردنية.