أوقافنا في ذمة الهيئة
محمد بن عبدالله المشوح
الخميس 22 / جمادى الأولى / 1431 هـ 6 / مايو / 2010 م
قرار مجلس الوزراء الصادر أخيرا والمتعلق بإنشاء هيئة عامة للأوقاف جاء بعد انتظار طويل من قبل المهتمين كي يحقق الأهداف المرجوة لهذه الهيئة المنتظرة من استثمار وتشغيل وإدارة وصرف أموال الأوقاف والمقدرة بمليارات الريالات والتي مازالت تنتظر مزيدا من التفعيل.
وإذا كانت الهيئة العامة للأوقاف قد أوكل إليها مجلس الوزراء بموجب القرار الصادر العديد من المهمات والتي منها اقتراح السياسات والخطط العامة والأنظمة المتعلقة بنشاط الأوقاف وتنفيذها بعد إقرارها ومراجعتها وتقويمها والعمل على تطويرها على أسس اقتصادية وتجارية بقصد حفظها وتنميتها.
كما يتضمن حصر الأموال الموقوفة وتسجيلها باستخدام أفضل الأساليب التقنية المتاحة وقاعدة بيانات للأوقاف وصيانتها ومنع التعدي عليها.
إن المنتظر أن يتم الاستفادة من مصارف الأوقاف بشكل كبير حسب الأوجه الشرعية المعتبرة أسوة بالهيئات العامة للأوقاف في دول العالم الإسلامي.
وفي هذا بلا شك تأكيد وتشجيع لمفهوم الوقف الإسلامي كما يتضمن كون هذه الهيئة ذات شخصية اعتبارية مما يمنحها مزيدا من الصلاحيات والسلطات والممارسة.
لا أحد يشك في أن مفهوم الأوقاف بل حتى والعناية بها ليست بالشكل اللائق المنتظر من بلد كبير وهو مصدر الوقف منذ مئات السنين ومع ذلك لم يتم تقديم مفهوم عملي متلائم للوقف مع التطور الذي نشهده والمؤتمرات المتعاقبة المنعقدة التي لا تخرج عن كونها تنظيرات علمية عامة بعيدة عن التجارب الميدانية التي يمكن تقويمها.
وليس سرا أيضا أن الثقة كادت أن تتلاشى لدى كثيرين من رجال الأعمال والتجار والراغبين في الوقف نتيجة بعض الممارسات الخاطئة من قبل نظار الأوقاف والقائمين عليها.
ومن ثم فإن في نظري من أوائل مهمات هذه الهيئة استعادة الثقة الغائبة كما هو التركيز الذي نجح في استعادة بعض الأوقاف المخفاة أو المحجوبة وتقديم الحوافز عليها.
لقد سعى الملك عبد الله ــ حفظه الله ــ في تجارب واضحة إلى تطبيق منهج الوقف وإعادته وإحيائه على وفق المنهج الإسلامي وكان وقف الملك عبد العزيز على الحرمين أنموذجا رائعا للأوقاف التي غابت فترة من الزمن
وكذلك ما نشهده من عودة اسم الأوقاف إلى المؤسسات العلمية كالجامعات التي سعت هي الأخرى إلى إنشاء أوقاف خاصة تحمل استثمارات وعائدات على الجامعة.
وكان من أجمل وأواخر ملامح الوقف وتطبيقاته تدشين الملك عبد الله لمبنى مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني والذي يتضمن أيضا برجين خصصا وقفا على المركز وهذا يحمل دلالة هامة في سعي الدولة إلى ترسيخ مبدأ الوقف عمليا.
إن الهيئة أمامها مسؤوليات هامة متمثلة في أوقاف تم نزع ملكيتها ولم تحصل على التعويضات المناسبة بل لم يصرف شيء لها وكذلك الأهم إعداد نظام عاجل وسريع في ما يتعلق بالنظار الذين امتلأت المحاكم بقضاياهم وتصرفاتهم وإجازتها والخلاف بين الورثة حولها ومصارفها.
كما يتعين النظر بجدية في تحديد نسبة موحدة للناظر على الوقف تشمل الجميع وتقطع دابر النزاع والخلاف.
وإن غاية ما يقره القاضي للناظر إعداد دفتر محاسبي قد يمضي العمر ولم يوضع فيه قيد هللة وإن الأمل أن تمارس الهيئة دورها في الرقابة الحقيقية مع سلطة القضاء على أعمال الأوقاف وأمورها.
ولعل مناداة الكثيرين من المحامين والحقوقيين ورجالات العلم والقضاء بوضع مدونة خاصة تعنى بترتيب وتقنين الأحكام الفقهية الواردة في الوقف والاستعانة بذوي الاختصاص من أهم الأمور المنتظرة قريبا من الهيئة.
d-almushaweh@hotmail.com
فاكس : 014645999
المصدر / جريدة عكاظ