الأربعاء 17 محرم 1435هـ 20 نوفمبر 2013م
حدد رئيس لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض بدر بن محمد الراجحي تسع نقاط لإدارة احترافية ناجحة للأوقاف في السعودية.
وقال “الراجحي” في برنامجه الأسبوعي “النهر الجاري” على قناة “المجد” الفضائية إن الأوقاف الاحترافية تكون في المشروعات الكبيرة، وكلما كان الوقف كبيراً احتاج إلى احترافية أكبر.
وبين أن الاحترافية تتطلب التخطيط المستقبلي لخمس أو عشر سنوات بناءً على عصف ذهني تُحَدد من خلاله الإستراتييجة الاستثمارية، وهذا لا يكون إلا في الأوقاف الكبيرة.
وقال إن النقطة الثانية تتمثل في إستراتيجية المخاطر، والثالثة إستراتيجية العمل الخيري، بمعنى دراسة كيفية تأثير هذا العمل حسب احتياج المجتمع له، والنقطة الرابعة تتمثل في أهداف إدارة الوقف المربوطة بالحوافز، والنقطة الخامسة تتمثل في أهداف مجلس النظار في المستقبل ودراسة ما يمكن تحقيقه، والسادسة: تقارير تحليل النتائج مقارنة بسوق العمل، بمعنى مقارنة العائد من الاستثمار بسوق العمل.
وأشار رئيس لجنة الأوقاف إلى ضرورة أن يكون الصرف الخيري غير تقليدي ونوعياً، بمعنى التركيز على الأعظم أجراً والأقل كلفة، وحسب احتياج المجتمع، والنقطة الثامنة تتمثل في الدخول بشراكة مع آخرين يستطيعون الحصول على قروض، أو شركات استثمارية، أما النقطة الأخيرة فتتمثل في ضرورة تطبيق الحوكمة المعتمدة بهيئة سوق المال، بمعنى استقلالية مجلس الإدارة (مجلس النظار) عن الإدارة التنفيذية.
وحمَّل “الراجحي” النظار المسؤولية في تحويل الأوقاف إلى احترافية أو أن يكونوا السبب في تعثرها، موضحاً أن الوقف الاحترافي هو ما ينطلق من سياسة التخطيط الإستراتيجي وقياس الأداء وحوافز العاملين.
وأكد “الراجحي” ضرورة أن يكون النقد للأوقاف منطلقاً من معايير وأسس علمية وليست مجرد كلمات في الهواء دون دراسة أو وعي، وأنه يخشى أن يكون النقد من غير تثبت ولا دليل نوعاً من الفساد في الأرض والصد عن سبيل الله، لافتاً إلى أن حجم الأوقاف والأنظمة القديمة لا تتناسب مع طفرة الاقتصاد السعودي حالياً، ودعا إلى التخطيط الإستراتيجي للوصول إلى الاحترافية في إدارة الأوقاف.
واعتبر بدر الراجحي أن عمه صالح الراجحي هو “شيخ الأوقاف”؛ لأنه هو من أشعل قنديل “الأوقاف” قبل 20 عاماً في السعودية، عندما أوقف صروحاً اقتصادية في مواقع إستراتيجية في مكة وجدة والرياض كانت دافعاً لكثير من التجار والمستثمرين، لافتاً إلى أن الإعلام لم يهتم وقتها بمثل هذه المشروعات الوقفية، لكن قد آن الأوان لنسلط الضوء عليها لتكون مثالاً يحتذى.
وقال “الراجحي” معلقاً إن توصيات ملتقى الأوقاف تضمنت الدعوة لدمج الأوقاف الصغيرة، وكانت هذه توصية من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بضرورة السعى لكيفية دمج الأوقاف، لأن الأمر ليس سهلاً، لكن المهم هو السعي قدر المستطاع.
وجدد القول بأهمية استقلالية هيئة الأوقاف مثل هيئة سوق المال وغيرها من الهيئات، مشيراً إلى أنه في حال إقرار هيئة الأوقاف فستكون جهة رقابية، ولديها فريق عمل يركز على دراسة القوانين ودعم المشروعات الوقفية.
وأوضح أن قياس الأداء مرتبط بالحوافز، بمعنى أن الحافز مرهون بانضباط العاملين وكفاءتهم في إدارة المشروع، مشيرا إلى أنه لا توجد منظمة عالمية احترافية إلا ولديها قياس أداء وحوافز، لأن قياس الأداء بدون حوافز سينتج عنه ضعف العمل.
وأضاف “الراجحي” أن هذا العنصر من شأنه أن يخلق روح انتماء وتميزاً كبيراً في العمل؛ لأن الفرق بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص يتمثل في افتقار القطاع الحكومي لبرنامج الحوافز.
وأكد رئيس لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض أن النظرة السلبية للأوقاف بالمجتمع ترجع لتعثر جانب الاستثمار، مبيناً أنه يجب أن نفرق بين الأوقاف: الناجحة والمتعثرة والاحترافية، وأنَّ هناك خلطاً واضحاً بين الناجح والاحترافي، وهو السبب وراء رسم صورة ذهنية سلبية عند الناس.
وقال: إن نجاح “الوقف” يتوقف على مجموعة من المحاور، الأول: نسبة التحصيل في التأجير، فإذا كانت النسبة لا تقل عن 90% فهي أوقاف ناجحة، الثاني: نسبة التأجير، فإذا كان العقار مؤجراً ويتم التحصيل كان ناجحاً، الثالث: انتظام اجتماعات المجلس، الرابع: إصدار القوائم المالية بتواريخ محددة، الخامس: تفعيل المخصص للاستثمار، السادس: توزيع المخصص الخيري بحيث لا يكون مجمداً، السابع: قياس نسبة المصروف من وارد الوقف، فإذا كان لا يتجاوز الخمسة بالمائة فهو ناجح، أما إذا كان أكثر من ذلك فهو متعثر، الثامن: تعاون النظار وحضورهم الاجتماعات، التاسع: ضبط مستندات الأوقاف وحفظها بطريقة منتظمة ومرتبة، مشدداً على أنَّ الالتزام بهذه المعايير يؤدي إلى نجاح الوقف.
وأشار رئيس لجنة الأوقاف إلى أن الوقف يكون متعثراً في عدة حالات أولا: إذا عطلت استثماراته، ثانياً: إذا تعطلت مصارفه الخيرية لثلاث أو خمس أو سبع سنين، ثالثاً: إذا كانت مصارفه الخيرية مخالفة لنص الوقف، رابعاً: إذا لم تكن الأوقاف منضبطة ماليًا أو إدارياً، خامساً: إذا كانت مخالفة للأنظمة الحكومية.
وأشاد الدكتور عبدالرحمن الحميد، رئيس مجلس إدارة بنك “البلاد”، بالتجربة الناجحة مع جمعية تحفيظ القرآن بالرياض خلال الخمس السنوات الماضية، وأن لدى الجمعية إدارة محترفة في التمويل والاستثمار، وأغلب المشاريع التى تم تمويلها كانت ناجحة، وكانت تسدد أسرع من شركات القطاع الخاص.
واعتبر أن هناك حراكاً حقيقياً خلال الخمس السنوات الماضية، للاستفادة الكاملة من الأوقاف لتحقيق مردود إيجابي فى العالم الإسلامي كله، سواء كان هذا على النطاق الصغير أو المتوسط أو الكبير، وسواء كان على النطاق المحلى أو النطاق الإقليمي أو الدولي.
وأكد أن الأوقاف تمثل مصدراً من مصادر التمويل الأساسية للمشاريع، لكن المشكلة الأساسية أننا لم نستفد من التراث الإسلامى العميق فى عملية تنظيم الأوقاف، سواءً فى عصوره الوسطى أو ما قبلها، مشيراً إلى أن هذا التراث تضمن تنظيمات هائلة في النواحي المالية أو الإدارية أو المحاسبية.
ورأى “الحميد” أن المشكلة التى تواجه الأوقاف فى المملكة تتمثل في صغر حجم الأوقاف، ما ينتج عنه تشتتها، لأن الوقف كلما كبر واندمج كانت فائدته أعظم، مشيراً إلى أن الأوقاف الكبيرة فى المملكة بدأت تنحى منحى نظام المؤسسات، بينما الأوقاف الصغيرة، على الرغم من حسن نية الواقفين، تضمحل وبعضها ينتهي.
ودعا “الحميد” إلى ضرورة اندماج الأوقاف الصغيرة في كيانات كبيرة وإدارتها كمؤسسات، مشيراً إلى أن الوقف لا يختلف فى تنظيمه وإدارته عن أى شركة أخرى، والفرق أن الجمعية العمومية فى الشركة تتكون من الملاك، بينما في الوقف تتكون الجمعية من مجلس النظار، وهو جهة منتقاة أو معينة أو منتخبة.
وأشار إلى أن نموذج الشركات المساهمة تفصل بين الإدارة والملكية، وهو ما يجب أن ينسحب على الأوقاف، بحيث تكون هناك إدارة محترفة يتم خلالها وضع قياس أداء محدد.