كشف لـ ”الاقتصادية”، مسؤول رفيع في إدارة أوقاف الشريف غالب، عن أن نحو 70 في المائة من إجمالي قيمة عقاراتهم المنزوعة في العاصمة المقدسة، والمقدرة تعويضاتها الإجمالية بنحو ملياري ريال؛ ما زالت مجمدة في مؤسسة النقد العربي السعودي ”ساما”.
وقال غالي بن فيصل آل غالب، ناظر وقف الشريف: إن تأخر صرف تلك التعويضات يعود إلى بعض الإجراءات البيروقراطية، وعدم وجود نظام واضح لإدارة الأوقاف، أو شراء البديل عن المنزوع لها لصالح المنفعة العامة، على حد تعبيره.
وأضاف أن العقارات المنزوعة ”لا تشكل سوى جزء يسير من أوقافهم” البالغة قيمتها أكثر من 15 مليار ريال، موزعة على منطقة مكة المكرمة، وتستحوذ العاصمة المقدسة على أكثر من 90 في المائة منها.
وقال: ”أوقاف الشريف غالب من أكبر الأوقاف على مستوى السعودية حجما وقيمة، وما نزع منها حتى الآن، لصالح توسعة الحرم المكي الشريف، ولصالح بعض المشاريع التطويرية التنموية؛ جزء يسير من عدد العقارات الكبيرة الموقوفة لصالحهم”.
وأوضح أن الروتين، والأنظمة الموضوعة لإدارة الأوقاف، من عوائق تطور الأوقاف ونموها، إضافة إلى ”رغبة المعنيين بالموافقة على شراء الوقف، بالوصول إلى أفضل الأوقاف سعرا”، وهو الأمر الذي قد لا يكون متوافرا في مكة، بسبب حجم السيولة التي يتم ضخها في السوق، وارتفاع حجم الطلب مقابل العرض؛ وفقا لقوله.
ودعا آل غالب لوضع قوانين وأنظمة خاصة بالأوقاف، ”حتى إن استدعى الأمر لإنشاء محاكم خاصة بالأوقاف، وتخصيص قضاة لهذا الشأن”؛ لتسريع إنهاء إجراءات الأوقاف.
وقال: ”الأوقاف لديها أموال ضخمة جدا، وفي حال استثمرت بالشكل الأمثل والصحيح، ستحقق نموا، وتدفع بالعجلة الاقتصادية لتحقيق منافع أكبر”.
وعن مساهمة أوقاف الشريف غالب في مشروع تطوير جبل الشراشف، بالدخول كمؤسسين في شركة جرهم للتنمية والتطوير العمراني، قال: ”مساهمتنا في المشروع لا تزال مبدئية، بقيمة تصل إلى 100 مليون ريال قابلة للزيادة”.
وأكد تلقيهم وعودا من أمين مكة بتسريع إنجاز إجراءاتهم الإدارية، للتقدم بعد ذلك للحاكم الشرعي، لإصدار الموافقة على نقل الأموال من الوقف العقاري، إلى حصة مساهمة في شركة التطوير.
وعن آلية شراء العقارات لصالح الأوقاف، أوضح آل غالب، أنه لا يمكن شراء أي عقار لصالح أي وقف، إلا بعد تخصيص لجنة من الوقف نفسه، لترفع تقريرها إلى الحاكم الشرعي، الذي بدوره يحيل المعاملة إلى لجنة النظر، التي تقوم بتشكيل لجنة للوقف على العقار.
وقال: ”ما يحدث هنا، أن لجنة النظر تختلف رؤيتها تماما عن الرؤية الاقتصادية والطبيعية لحجم قيمة العقار، بسبب طريقة تقييمها المختلفة عن واقع السوق كليا، والمعتمدة على تثمين الأرض وسعر البناء، ثم إضافة مبلغ تقدر نسبته تصل إلى نحو 20 في المائة من القيمة التقديرية للجنة، كأرباح لمالك العقار”، مؤكدا أن هذا الأمر ”مرفوض بالمعتاد” من ملاك العقار، بسبب عدم كفاية تلك النسبة، وبلوغها للقيمة السوقية المتداولة.
وتابع بالقول: إن آلية التقييم والتثمين التي تعتمدها اللجنة، لا تراعي جانب الأسعار المعمول بها في السوق وقت التثمين، ولا تناسب تطلعات ملاك العقار والمستثمرين؛ كما أن التأخر في إتمام إجراءات الموافقة على الشراء، وعدم وجود نظام واضح لشراء الأوقاف، يجعل المستثمرين في بيع العقارات، يحجمون عن بيعها لصالح الأوقاف.
وقال إن التأخر، الذي يمتد لأشهر أحيانا، قد يأتي بالرفض في اتخاذ الإجراء، ”وهو ما يخشاه بعض المستثمرين في بيع العقارات، أن تعطل رساميلهم لفترات طويلة، قد تتحقق المصلحة منها وقد لا تتحقق”.
يُذكر أن ملتقى الأوقاف، الذي عقد أخيرا، أوصى بإنشاء محاكم أو دوائر مختصة بالأوقاف، لتسهيل أعمالها وإجراءاتها، استنادا للمادة التاسعة من نظام القضاء. وتسهيل الإجراءات، وفقا للملتقى سينعكس بنجاح المشاريع الوقفية، ويوفر مزيدا من الفرص الوظيفية، وينمي العمل الخيري بشكل عام في السعودية.
ودعا الملتقى إلى استثمار الأموال المجمدة، التي تخص تعويضات أوقاف العقارات حول الحرم، في أوقاف أخرى أكثر نفعا؛ مؤكدا ضرورة البحث عن مخرج لهذه الإشكالية، لوجود أموال ضخمة بالمليارات، يمكن الاستفادة منها في تلبية حاجات المجتمع.