الاثنين 13 صفر 1435هـ 16 ديسمبر 2013م
بلغني هذا السؤال، الذي يبدو غريباً ومستفزاً لمشاعرنا الإسلامية، من الأخ خليل عاصي، رئيس مجلس إدارة الوقف الإسكندنافي في السويد:
لا يختلف اثنان على أهمية المسجد ودوره، خصوصاً في دول الغرب، وليس على هذا يدور السؤال، إنما نطرح هذا السؤال في الواقع الغربي عموماً، وفي اسكندنافيا خصوصاً، ففي تلك البلاد تعد «السباحة» مادة أساسية إلزامية في المدارس ضمن مادة التربية البدنية، للبنين والبنات، وكذلك في العديد من الدول الأخرى، مثل السويد والدانمرك وغيرهما، ويشارك الجميع في الدرس بلا حواجز، بحكم طبيعة المجتمعات المنفتحة في الغرب وإلزام المسلمين بإدخال أبنائهم إلى المدارس المختلطة من الجنسين أساساً، وقد سبب هذا الأمر حرجاً شرعياً كبيراً لأولياء الأمور المسلمين، حين يجدون أبناءهم وبناتهم يجبرون على التعري بعضهم أمام بعض في مرحلة الاغتسال الأخير بعد السباحة، فضلا عن السباحة بالملابس الفاضحة طوال الحصة.
ويقع أولياء أمور الطلبة المسلمين بين أمرين:
– أن يسلموا بالأمر بالواقع، وتكون السباحة المختلطة وما يتبعها من التعري على أنهما أمران لا بد منهما في المدرسة.
– أو أن يبحثوا عن بدائل منها: الغياب أو التهرب من حصة السباحة (ولكن إلى متى؟!)، أو إيجار مسبح بين الحين والآخر وبما تسمح به الظروف للحصول منه على شهادة ممارسة السباحة، وفق الاشتراطات الفنية للمدرسة.
وحين تحل حصة السباحة أو امتحانها، تكون ساعة هم وحزن وتوتر، فكان التساؤل المتكرر: كيف نصون عفة أبنائنا وبناتنا؟!
وفي خضم هذا التحدي، نجد اهتماماً كبيراً من المراكز الإسلامية والمتبرعين ببناء مئذنة وقبة للمسجد.
والآن تتضح أهمية السؤال: أين الأولويات في أعمالنا؟ وما أولوية المئذنة أو القبة مقابل هوية أبنائنا وعفتهم؟!
ألم يصبح حمام السباحة ومدرسة القرآن الكريم واللغة العربية والمسرح وقاعة الرياضة وقاعات الشباب كلها جنباً إلى جنب حاجات وضرورات للأسرة المسلمة في الغرب؟
في هذا المشهد، فقد بادر المسلمون في مدينة مالمو – السويد – والقائمون على «الوقف الإسكندنافي في السويد» ببناء مجمع إسلامي شامل يهدف إلى خدمة الأسرة واستقرارها وتثبيت هويتها، وفي هذا المركز سيكون فيه المسجد والمدرسة وحمام سباحة وقاعات الشباب والرياضة، وغير ذلك من المرافق التي تخدم المسلم المغترب، بحيث يمكن الاستفادة من ذلك المسبح بتدريس منهج السباحة كاملاً وبالمواصفات نفسها، لكن من دون الاختلاط المحرج، وهو الأمر الذي يمكن معادلته في الشهادة نتيجة للمرونة التي يوفرها النظام التعليمي هناك.
وكان خيار المسلمين في مالمو واضحاً وجلياً، بدفع مفسدة بدل جلب مصلحة، واختيار حمام سباحة على المئذنة، والعفة والطهر على الرمز أو المظهر، رغم أهميته ودلالته على الهوية الإسلامية.
فهل من مساند لهذا الخيار بالتبرع بالمسبح (حمام السباحة) قبل المئذنة؟
سؤال جريء يحتاج تفهماً خارجاً عن المألوف في أنماط التبرع التقليدية يريح به المتبرعون الخليجيون رؤساء الأوقاف الإسلامية في البلاد الاسكندنافية أمثال الأخ الفاضل خليل عاصي.