الاثنين 14 جمادى الآخرة 1435هـ 14 آبريل 2014م
لعل من نافلة القول الإشارة إلى ازدياد لجان العمل الخيري وجمعياته وبرامجه واجتهادات الموسرين من أصحاب المسؤولية الاجتماعية من المواطنين حتى أصبحنا بفضل الله نرى أن الكثير من نقص المشاريع العامة والخاصة يتم علاجها من خلال العمل الخيري، وليس أدل على ذلك من انتشار بناء المساجد من قبل المحسنين وتوقف وزارة الشؤون الإسلامية عن البناء في ظل تبرع المحسنين ببناء المساجد بالإنابة عنها وبحال افضل مما كانت تقوم به من حيث المساحة او التصميم او قوة البناء ومظهره الداخلي والخارجي، كذلك حال المساجد في تشغيلها وصيانتها وترميمها لولا الاعمال التطوعية وتبرعات المحسنين.
وأحد شواهد العمل الخيري وقدرته على سد الفجوة المحزنة في نكران الواجب تجاه الوطن والمواطن فقد تم انشاء لجنة خيرية مقرها وزارة الشؤون الإسلامية ورئاستها لها وهي خاصة بمساجد محطات الطرق وصيانتها ونظافتها ورعايتها وتقدم كل من المحسنين (الشيخ سليمان الراجحي امد الله في عمره والشيخ عبدالعزيز الموسى رحمه الله تعالى. والشيخ عبدالله العقيل وطارق الرميح وفقهم الله واعانهم) وغيرهم ليكونوا قدوة للآخرين من الموسرين في اصلاح شأن المساجد التي اصبحت مضرب المثل في السوء لكل زائر، وهذا في ظل غياب المسؤولية من وزارات الخدمات المعنية وتم صدور الأمر السامي الذي يحدد مسؤوليات الوزارات والمستثمر الذي لا هم له الا ما ينمي خزينته النقدية وعدم تحقيقه للتوجيه الكريم في محبة الله سبحانه وتعالى (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) ثم عدم تحقيقه لمبدأ الإيمان الحقيقي (والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وإذا تجاوزنا شأن المساجد فان حال وزارة الصحة كذلك فالعديد من الموسرين قد اوقفوا ابراجاً طبية لأمراض متعددة واخرى لإيواء المرضى ومرافقيهم وكذلك انشاء اقسام لغسيل الكلى وبناء المراكز الصحية وتكفلت جمعيات خيرية بتجهيز عيادات طبية متنقله تجول على المدن والقرى التي ترتفع فيها نسبة الفقر والحاجة، بالإضافة الى توفير الخدمات العلاجية المجانية والأدوية للمرضى الفقراء وانشاء مستوصفات خاصة لهم وتفعيل الجانب الطبي التطوعي في العديد من الجمعيات الطبية الخيرية المتخصصة ولها نتائج تسر الخاطر.
هذا بالإضافة الى القصور في برامج وزارة الشؤون الاجتماعية تجاه الفقراء والمحتاجين واصبحت الجمعيات الخيرية ومستودعات النعمة تقوم بجهود تؤكد دور هذا الباعث الامن في نفوس الموسرين بالمال والقادرين بالجهد بالإضافة الى المصداقية في اداء الجمعيات الخيرية وعشرات الاف من المتطوعين معها في خدمة الفقراء والمحتاجين من المواطنين والمقيمين. ولو دعمت هذه الجمعيات من وزارتها الأم لكان الحال افضل من ذلك بكثير ولكن لا تزال خدمات الوزارة قاصرة وان كانت مجتهدة في دعم جهودهم ومساندتهم.
مع العلم ان أصحاب المسؤولية الاجتماعية ورواد العمل الخيري قد تجاوزوا ذلك الى تعبيد الطرق وحفر الآبار وبناء السدود الترابية والإسمنتية وسقيا القرى والتجمعات السكانية وتقديم الخدمات البلدية في اطراف المدن والقرى والأودية واماكن التنزه التي لا تصل اليها خدمات الامانات او البلديات، وقيام اهل الخير بتوفير الكهرباء للعديد من القرى والحال كذلك في التعليم بمراحله المختلفة حتى اوقاف الجامعات.
وفي هذا الرصد المختصر لا ندعو الى عدم انتشار العمل الخيري ولا نعيق العمل التطوعي ولكن نؤكد على ثلاثة امور هي:
الاول: القصور في تنفيذ بعض مشاريع الدولة التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لتكون في صالح المواطن ويكفي ان بعضها لم يتم تنفيذه او حصل في الاخر التأخير في انجازه والبعض ألغي او رحل لأعوام اخرى وهي ارقام مخيفة تطالعنا بها هيئة مكافحة الفساد المجتهدة في القول والمقيدة في العمل وان كانت الحال يراها المواطن بعينه المجردة .
الثاني: ان العمل الخيري قد لامس احتياجات المواطن وسعى الى تصحيح مسار غير متوازن تداخلت فيه الصلاحيات والمسؤوليات واختلفت معه الاولويات والاهتمامات. واصبحت الفرصة بعد ذلك سانحة لسد العجز في الاحتياج او شمول الرعاية بدلاً من تركيزها في المدن الرئيسية فقط وكأن الحظوة لابن المدينة اما غيره فهو اولوية اخرى يعلم الله متى يأتي الاهتمام به.
الثالث: سرعة الانجاز في العمل الخيري لأنه لا يخضع لبيروقراطية الاداء الحكومي، ولذا فهو القطاع الثالث الذي نرى فيه المنقذ لهموم المحتاجين والقادر على سد حاجتهم وبه نستطيع ان نقلل الفجوة الطبقية التي نراها في مجتمعنا، وهذا يؤكد الحاجة الى دعمه على مختلف المستويات فالعوض فيه متحقق والايجابية معه متجذرة.
واخيراً ستبقى الأمانة حملا ثقيلا في الدنيا والآخرة أعان الله من حملها لما بعدها وغفر الله لمن قام بها والتي نراها بارزة في العمل الخيري الذي يشنف المسامع وتشرئب له الأعناق لتكون الايجابية في هذا البلد وأهله الى قيام الساعة.