شركة ثبات لتطوير وإدارة الأوقاف

الوقف ابن من الأبناء

الأحد 24 شعبان 1435هـ 22 يونيو 2014م

سبق أن بدأنا سلسلة جديدة عن الوقف وروائعه الحضارية والإنسانية تحت عنوان «من إشراقات الوقف»، وتحدثنا في المقالات الثلاثة السابقة عن «الإشراقات الحضارية» (مقال)، ثم إسهام المرأة الكويتية في دعم مسيرة الوقف (مقالان)، واليوم نعود -والعود أحمد- إلى هذه السلسلة من جديد، لأنتقي إشراقة كويتية جميلة ومبدعة، صاحبها هو الشيخ الفاضل خليفة جاسم المالك الصباح -حفظه الله-.

فقد راجع الشيخ خليفة الأمانة العامة للأوقاف لتنفذ الفكرة، ثم اتجه بعدها إلى إدارة التوثيقات الشرعية بوزارة العدل ليوثقها، بأن يوصي بوقف ما يعادل نصيب أحد أبنائه من الذكور من تركته -أمد الله في عمره وعطائه- ينفق على عموم الخيرات المناسبة، تكون النظارة فيها إلى الأمانة العامة للأوقاف.

ووجه الجمال والإبداع أن الشيخ خليفة جعل الوقف وكأنه ابن من أبنائه الذكور، بحيث إذا علمنا أن الشيخ خليفة لديه أربعة أولاد وثلاث بنات، فإن الوقف يكون بمنزلة الولد الخامس له، وهو لن يكون مجرد ابن، بل سيكون بإذن الله تعالى الابن الذي سيأخذ بيد أبيه إلى الجنة، وهو الذي الذي سيبقى في الدنيا خالدا وشاهدا على أن الفطنة والحكمة لم تغادرا هذا البلد الطيب، وكأن الشيخ خليفة تبنى الوقف ابنا له، وأن هناك من أدرك حقيقة الدنيا، وأنها دار ممر لا دار بقاء، إلا للعمل الصالح الذي يبقى للإنسان حتى يصاحبه إلى الجنة.

وها هي صيغة وثيقة الوقف المذكور، أنقلها كاملة لتكون شاهدا -كذلك- على أن الوقف لا يزال محلا للإبداع، وأنه ملاذ للواقف، كما أنه مأوى للموقوف عليه:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل: «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً».

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي علمنا وأرشدنا إلى الخير، فقال «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له».

وأنه لما كانت الدنيا مزرعة الآخرة، وهي دار التكليف والعمل، وأن الآخرة هي دار المستقَر، وأن الله يبعث مَن في القبور «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»، وحرصاً على حسن اللقاء مع الله سبحانه وتعالى يوم العرض الأكبر.

فقد حضر إلى إدارة التوثيقات الشرعية، الشيخ خليفة جاسم المالك الصباح ب.م رقم (….)، وأقر وهو بتمام صحته وكمال عقله بأنه وقف وحبس بما يعادل نصيب أحد أبنائه الذكور في التركة وقفاً يُنفَق على:

 

1 ـ عموم الخيرات المناسبة لزمانها ومكانها، والأكثر قربة إلى الله سبحانه وتعالى داخل الكويت وخارجها.

2 ـ صيانة وإعادة إعمار الأوقاف القديمة وإنشاء أوقاف جديدة في الدول غير الإسلامية لمصلحة الجاليات المسلمة فيها أو في الدول الإسلامية الفقيرة، وذلك وفق الضوابط القانونية المعمول بها في هذه البلاد.

وتكون النظارة فيها للأمانة العامة للأوقاف، بحيث تقوم الأمانة بتسلمه وإدارته وصرف ريعه واستثماره الاستثمار المأمون والأمثل، بما يحقق النماء والاستمرارية لهذا الوقف. ويترك أمر تحديد نسب الصرف على المصارف المذكورة لناظر الوقف بما يراه مناسباً.

وقفاً صحيحاً شرعياً، أبتغي فيه الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

جزى الله خيرا الشيخ المبدع خليفة جاسم المالك الصباح، وجعل عمله في ميزانه يوم القيامة، وبارك له في أبنائه جميعاً، ونفع بوقفه (ابنه الثامن)، وجعله سنّة حسنة للناس، فيوقف كل منهم ما يعادل نصيب ابن من أبنائه، وهذا نعم الصدقة الجارية.

المصدر: صحيفة القبس الكويتية.