شركة ثبات لتطوير وإدارة الأوقاف

الوقف المجتمعي

download.jpg

download.jpg

 

السبت 8 جمادى الآخرة 1436هـ 28 مارس 2015م

بقي الوقف الاسلامي على مدى العصور قديما وحديثا الرائد الرئيسي في تغذية المجتمع باحتياجاته وتطويره ومساندته ، وقد كانت مؤسسات المجتمع المدني شريكا لهذا القطاع

(القطاع الوقفي) يدا بيد والناظر الى تاريخ الأمة متمثلا بمدنها الحضارية الرئيسة

(دمشق وبغداد والقاهرة وغيرها) سوف يرى أن قطاع التعليم والصحة كان قائما بشكل كبير على الأوقاف ، وانتشرت دور الرعاية في الشمال الأفريقي للمسنين والصغار من الأيتام والأرامل والمطلقات والمعلقات ، ويروي لنا التاريخ أن حضارتنا الإسلامية نشرت مفهوم الأوقاف شرقا وغربا كلها لخدمة الأمة ومصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

(( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم نافع ينتفع به وولد صالح يدعو له)) ، والمتتبع لهذا الحديث يجد أن المعنى الغالب عليه هو عملية البناء والتأسيس لمعنى الاستدامة في المجتمع فالصدقة الجارية تغرس معنى البناء والمؤسسة القائمة سواء كانت جامعا أو مدرسة أو مكتبة أو مزرعة  أو بئرا أو معهدا للبحث والعلم والتطوير ، وهذه المؤسسات الوقفية ينبغي أن تبنى بالعلم النافع وتقوم على نشر وتعليم وتغذية المجتمع بأشكال العلوم المختلفة وهو ما دعي إليه صلى الله عليه وسلم (( علم نافع ينتفع به )) ثم كان من الأهمية بمكان أن يقوم على نشر العلم وتعليمه (( الولد الصالح )) صاحب الدين والخلق القادر على حمل أمانة العلم

المتتبع للتجارب الوقفية على مدى التاريخ الإسلامي يجد أنها تعيش معنى العصر الذي تأسست فيه ، فعندما ينتشر الفقر ، سعى الواقفين على سد حاجة الناس وعندما ينتشر العلم والعلماء يسعى الوقف على رعاية العلم وأهله وعندما ينشط الجهاد يعمل الوقف على رعاية أسر المجاهدين وبناء الحصون والقلاع الوقفية، ومع كل ما تقدم فقد رصد الباحثون أن المستفيد الأول من أوقاف المسلمين كان المجتمع أولاً و آخراً، وصنعت الأوقاف تلاحما وبناءاً لأفراد المجتمع على كافة الأصعدة بشكل يشهده الأمم الأخرى ، فدور العلم والكتاتيب والجامعات كلها كانت أوقافاً عظيمة من أمثلتها المدرسة الصلاحية التي اوقفها السلطان صلاح الدين الأيوبي وأوقف عليها اوقاف سخية كان منها سوق العطارين في القدس الشريف ومدرسة الأشرفية والمنتصرية  في بغداد ومدرسة العلوم الشرعية في المدينة المنورة ، وأوقاف اليوم من التجارب الناجحة تحتاج أن تراعي كذلك روح العصر واحتياجاته كاملة ، سواءً واقع المسلمين وحاجتهم المحلية ، وحاجتهم للنهوض بالأمة علميا واقتصاديا وتربويا واجتماعيا ، ومن هنا جاءت الحاجة الى تبني الأوقاف للاهتمامات التربوية والدعوية والاجتماعية في الأحياء والمدن ، فهي لبنة بناء الفرد ، شابا كان أو فتاة، صغيرا أو مراهقا أو كبيرا فكلهم يحتاج إلى رعاية وبدون هذا الاهتمام تترهل المجتمعات وتضعف وتترك فريسه لضياع الأوقات والأعمار

يقول الله تعالى ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ )) ومن أعظم ما ينفق صدقات جارية تخدم الدين والمجتمع.

المصدر: موقع الدكتور سامي سلمان.