الأربعاء 7 محرم 1436هـ 21 أكتوبر 2015م
أكد رئيس اللجنة الوطنية للأوقاف بمجلس الغرف السعودية بدر بن محمد الراجحي، أنه في ظلّ تراجع دعم الأفراد للجمعيات وتوسع الجمعيات في الحجم أو بالتطوير بالعمل المؤسسي أصبح لزاما على كل جمعية أن تسعى لإيجاد وقف تستند عليه لتغطي مجال عملها، خصوصا مع تواجد الداعمين الأفراد المستمرين بالدعم من فترات طويلة، ولكنهم يتناقصون بوفاتهم، وبالتالي يشكل هذا التراجع تهديداً للجمعيات.
وأشار “الراجحي” إلى أن بعض الجمعيات بالسعودية، سطرت قصص نجاح تستحق أن تدرّس في الجامعات، وأن تكون قدوة لغيرها ممن لا تزال في بداية الطريق.
جاء ذلك خلال ورقته التي قدّمها في ملتقى “أثر الأوقاف في دعم واستمرار الجمعيات الخيرية” الذي نظمه مساء أمس نادي المسؤولية الاجتماعية بجامعة الملك سعود وجمعية الأطفال المعوقين، والتي شارك فيها متحدثاً كل من: وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد لشؤون الأوقاف الشيخ سعد بن صالح اليحيى، ونائب رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الهذلول، والتي أدارها الإعلامي محمد الدخيني.
وقال “الراجحي” إن انتشار ثقافة الأوقاف -بحمد الله- بدأت تنمو خلال السنوات الأخيرة، والتميز هو ظهور أوقاف قدّمت الجانب المشرق والمتميز في الاستثمار والتنمية الاستثمارية وكذلك في تنوع الدعم الخيري الذي ينبني على ملامسة حاجة المجتمع، وذلك بعدما تفهم الكثير من المُوقِفِين ضرورة عدم تحجيم مصارف الوقف، وكذلك جعل النظارة على الوقف لشخصيات متعددة ومتنوعة ومحترفة إداريا، مما خلق فكراً عالياً في تلمس الأكثر تأثيراً في المجتمع والعمق في المصارف الخيرية.
وأكد أننا نحتاج الكثير من ثقافة الأوقاف بالمجتمع بداية من النشء وحتى كبار السن في أهمية مشاركة الجميع في الأوقاف؛ لما لها من أجر عظيم من الله -عز وجل- إذ إن أعظم الصدقات الوقف، وأعظم الأجر في الأوقاف هي التي تلبي الحاجة الماسة للمجتمع.
وبيّن: “بيئة نشر ثقافة الوقف متوفرة؛ لكون المجتمع فيه خير عظيم ومحب للخير، ونحن شعب متدين وأعلامنا هم أبناء الوطن ويهمهم تلبية حاجة المجتمع من معاقين وغيرهم، وما زلنا في بداية المشوار في تطوير البيئة لنشر ثقافة الأوقاف، وإن دور قطاع التعليم أساس أي علم ولا بد من السعي الحثيث لنشر تلك الثقافة عبر التأسيس من قبل القطاع، وإن اعتماد إنشاء هيئة الأوقاف التي ستأخذ على عاتقها نشر ثقافة الوقف، من خلال الدورات والندوات والطرح الإعلامي. حيث إن مصدر دخلها سيعدّ أعلى دخل لهيئة حكومية، كما أن النظام المتوقع اعتماده لها سيخولها -بإذن الله- تسخير تلك الأموال لعمل كبير جداً في تطوير بيئة الأوقاف”.
وعن رؤيته لمستقبل الأوقاف في السعودية، أكد بدر الراجحي أن المستقبل للأوقاف؛ لكون بلادنا تزخر بأصحاب ثروات، كثير منهم مقدمون على إثبات أوقاف لهم، ومن أثبت منهم وصية يكون له بها وقف بعد ممات أكثر من الذين أوقفوا. وهذا مؤشر أن المستقبل -بإذن الله- فيه خير عظيم، والجمعية المميزة هي التي تقتنص الفرصة لإقناع أصحاب الثروات في أوقاف تلك الجمعية.
وتطرق “الراجحي” لأثر الأوقاف في دعم الجمعيات قائلاً: ما زال أثر الأوقاف ضعيفاً، مبيناً عدداً من أسباب هذا الضعف أولها: ضعف بعض أجهزة تنمية الموارد المالية بالجمعيات الخيرية؛ ذلك لعدم تفرغ كثير من إدارات تلك الجمعيات أو أن يكونوا ذوي توجه تنموي ضعيف، وقد يكون بسبب عدم تفريغ موظفين لتنمية الموارد المالية، أو عدم وجود حوافز لهم أو أن يكونوا من غير ذوي الاختصاص.
وأشار إلى أن غالب تلك العوائق من الداعمين أنفسهم؛ لكونهم لا يقبلون أن يكون جزء من تبرعهم عائداً على موظفي الموارد المالية من رواتب وحوافز، علماً بأن مشاركة الداعم في ذلك فيه أجر عظيم؛ لكونه يصرف مبلغاً بسيطاً، ويكون تأثيره كبيراً في تنمية أموال الجمعية، مؤكداً أن أوقاف والده الشيخ محمد الراجحي -رحمه الله- لها تجربة في ذلك.
وحول حجم الأوقاف بالجمعيات ونموها، أوضح “الراجحي” أن غالب القطاعات لدينا تفتقر إلى الإحصاء، والمعلومات هي التي تخلق الفرص وتؤثر على صاحب القرار، مقدماً مقترحاً أن ترفع توصية لوزير الشؤون الإسلامية وكذلك وزير الشؤون الاجتماعية؛ لعمل حصر الأوقاف ونوعيتها ونموها… وغيرها من المعلومات التي تحرك الكل بناءً على أرقام وحقائق عملية، ومن فوائد ذلك تسليط الضوء والدراسات على التجارب الناجحة.
وقال: “لا بد من تحديد آلية وقف الجمعية، ومن المهم تحديد قيمة الوقف المزمع إقامته بحيث يغطي ربحه التبرعات الفردية لتكون قادرة على العمل دون حاجتها للمتبرعين لاحقاً”، مبيناً أننا نعيش في زمن هو الأرخص في تكلفة التمويل والأسهل، وهي فرصة للجمعيات للسعي نحو تغطية 20% أو 30% من مواردها، والباقي تحصل على تمويل إسلامي.
وأشار إلى أن الظهور الإعلامي للجمعيات مهم جداً من خلال مشاريعها وجهودها وتأثيرها بالمجتمع، مشيراً إلى أن القليل من الجمعيات تحترف تنمية أوقافها من خلال الإعلام، وهذا باب تمت تجربته من عدة جمعيات وحقق نتائج باهرة في دعم أوقافها. مؤكداً ضرورة اقتناص فرص سنوية لعمل مناسبات تجمع شخصيات كبيرة.
واختتم: “هناك الكثير من الشركات تبحث عن فرص للمساهمة الاجتماعية، ولذا فإن دور الجمعيات هو الوصول إلى أصحاب القرار بتلك الشركات للمساهمة ضمن مسؤولياتها المجتمعية”، مؤكداً أهمية دور مجالس الإدارة وأثرها، مما يحتم ضرورة أن تكون تلك المجالس بالقوة الكافية لمجابهة التحديات.