شركة ثبات لتطوير وإدارة الأوقاف

خميس العدوي يوضح دور الوقف في الحياة العلمية في بهلا

07546.jpg

07546.jpg

 

الثلاثاء 3 جمادى الأولى 1438هـ 31 يناير 2017م
فكرة الوقف قديمة قدم الاجتماع البشري ولها تجسدات مختلفة كل بحسب تنوع المجتمعات والثقافات. ولكن الناظر في الثقافة العربية الإسلامية يجد أن الوقف قد كانت له إسهامات حضارية في قيام صروح الحضارة الإسلامية.
وقد كان للوقف وجوه عدة ولعلماء المسلمين طروحات وتقعيدات فقهية حول الوقف وما يتعلق به من الضوابط الشرعية وأوجه استخدام الوقف وغير ذلك من القضايا.
ويتطرق الباحث والمفكر العماني خميس بن راشد العدوي في كتابه المعنون بـ” الوقف العلمي في بهلا ماضيه وحاضره” إلى نوع مخصوص من الوقف، وقد كان لهذا النوع من الوقف دور بارز في الحياة العلمية في بهلا منذ الفترة الإسلامية المبكرة وحتى وقتنا الحاضر.
ويقصد المؤلف بالوقف العلمي الوقف المخصص للجوانب العلمية، كوقف المكتبات، ووقف نسخ الكتب، ونسخ المصحف الشريف وتجليده وتزيينه، ووقف المدارس وحلقات العلم، ووقف المعلمين والمتعلمين، ووقف القراطيس والأحبار والأقلام، كما أن الكتاب لا يتطرق إلى الجوانب الفقهية إلا بمقدار ما يخدم الهدف الرئيس للكتاب، وهو التتبع التأريخي للوقف العلمي في داخل مدينة بهلا عبر التأريخ.
يتكون الكتاب من مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة. المبحث الأول يتناول تعريف الوقف العلمي ومنهج ومجال الدراسة، أما المبحث الثاني فيتوقف عند جذور الوقف العلمي وأصله الأول وأقسام هذا الوقف ومصادره.
بينما يُفصل المبحث الثالث في أنواع الوقف بما فيها من أوقاف المصحف الشريف، ووقف المدارس الفقهية ووقف مدارس القرآن الكريم، وأوقاف المتعلمين والمعلمين، المكتبات الموقوفة في تاريخ بهلا وأخيرا المكتبات المعاصرة.
أما المبحث الرابع فيولي عنايته للتنظيمات الإدارية الحديثة بما في ذلك نظام مدرسة جامع بهلا القديم الفقهية، وأثر الفصل التام بين الأوقاف وبيت المال في العصر الحديث، والتحول في وقف مدارس القرآن الكريم وآليات الإشراف الإدارية على الوقف بشكل عام وتأثير ذلك على الوقف العلمي.
ينقسم الوقف العلمي إلى قسمين هما، الوقف الأصلي وهو المجعول والمخصص لخدمة العلم مثل المصاحف والمكتبات والمدارس والكتب، والوقف الثانوي وهو الوقف المجعول الوقف الأصلي كتوقيف العقارات والبساتين والأراضي والمحلات التجارية ونحوها.
ويشير الباحث إلى أن كلا القسمين قد وجدا متزامنين ومتلازمين تقريبا، والدراسة لا تفرق بين هذين النوعين.
أما مصادر الوقف العلمي في بهلا فهي متعددة إلا أنها وفي معظمها تشترك مع باقي أنواع الوقف.
والمصادر هي منها ما يتصل ببيت المال حيث ينفق منه الأئمة والسلاطين والولاة على المدارس والمعلمين والمتعلمين.
كما أدى الحكام دورا في توقيف الكثير من الأموال خدمة للعلم وأهله، وكان للعلماء والفقهاء دور في تعضيد الوقف العلمي في بهلا من خلال ما أوقفوه من أموال وضواحٍ، كما أن لعموم الناس ذات الدور في رفد الوقف العلمي بالتوقيفات التي عززته على مر التاريخ.
وقد خرج العدوي في ختام كتابه بعدد من النتائج وهي، الوقف وبيت المال في عمان قديم ويعود لفترة ما قبل الإسلام في عمان، ولم يقتصر الوقف على فئة اجتماعية واحدة بل أن الحكام والعلماء وبقية الناس قد اشتركوا في صناعة الوقف، يعود أقدم وقف في بهلا يخدم العلم ومازالت شواهده إلى الآن “ضاحية المدانة” والتي أوقفها العلامة الفقيه أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة البهلوي خدمة لطلبة العلم وترجع إلى بداية القرن الرابع الهجري، فكرة الوقف العلمي مازالت مستمرة في بهلا ويدل على ذلك وجود أوقاف لمكتبات حديثة الإنشاء.
قامت التنظيمات الإدارية المالية الحديثة والتطورات الاجتماعية بدور في إعطاء الوقف جوانب إيجابية بشكل عام إلا أنها في الوقت نفسه أضعفت الوقف العلمي في بهلا، وقفت الدراسة على وجود ست مدارس فقهية في بهلا بجانب عشر مدارس قرآنية، كما وقفت على وجود ثلاث ضواحي موقوفة للمتعلمين بالإضافة إلى الإنفاق من ضواحي بيت المال وعقاراته على المتعلمين.
وجدت في بهلا مكتبات عديدة منها إحدى عشرة مكتبة كبيرة، وثلاث عشرة مكتبة مسجدية صغيرة، واثنتا عشرة مكتبة معاصرة.
وجدت ضاحيتان وماء من احد الأفلاج في بهلا لوقف ونسخ الكتب وشراء القرطاس.
كما ختمت هذه الدراسة بثلاث توصيات وهي إنشاء مؤسسة وقفية أهلية على مستوى السلطنة، تُعنى بتثمير الوقف، وتوزيعه، وجمع الأموال لتطويره، وتسجيل الأوقاف الجديدة، ولا سيما العلمية منها، كذلك توصي الدراسة بإنشاء مركز بحث يهتم بالدراسات الوقفية، ماضيا وحاضرا، وتطوير آلياته، تدوين التراث الشفهي للوقف.
كما توصي أيضا بضرورة تمكين الباحثين في الوقف من الوصول إلى الوثائق والمخطوطات التي توجد في المكتبات الأهلية والرسمية ومراكز حفظ الوثائق.
جدير بالذكر أن الكتاب صدر عن منشورات مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية بجامعة نزوى في 2016م، ويقع في 160 صفحة من القطع المتوسط.
المصدر: صحيفة الوطن العمانية .