تتسلح الصناديق الوقفية في المملكة العربية السعودية، بالكثير من المزايا والأهداف، التي تعزز نجاحها، وترفع من درجة الإقبال عليها، إذ تعد هذه الصناديق تجربة رائدة وداعمة للعمل الخيري في المملكة، ومن المتوقع أن يزداد الطلب عليها، ليس لسبب سوى أنها تلبي الاحتياجات المجتمعية والتنموية، وتحقق الاستدامة المالية للجهات غير الربحية في البلاد، فضلا عن أن الوقف سنة نبوية، ومن أفضل وجوه الإنفاق وأعمها فائدة وأدومها نفعا وأبقاها أثراً.
وكانت هيئة السوق المالية قد سمحت بالموافقة على أحد الصناديق الوقفية مؤخرا، وهي نوع جديد من الصناديق الاستثمارية، وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة للأوقاف. وليس لهذه الصناديق مدة محددة، وجميع وحداتها موقوفة، ولا يستطيع الموقف استرداد وحداته، ويخضــع الإشراف على هذه الصناديق للهيئــة العامة للأوقاف وهيئة السوق المالية، بحسب الاختصاصات والصلاحيات المنوطــة بــكل منهمــا.
وكشفت الأستاذة نورة الجندل المتخصصة في تشريعات ولوائح الصناديق الاستثمارية، المزيد من آلية عمل الصناديق الوقفية، وطبيعة الدور الذي يمكن أن تؤديه في المجتمع السعودي، الذي اعتاد على الأعمال والمشروعات الخيرية. وتقول نورة: «الصندوق الوقفي هو وعاء تجتمع فيه أموال موقوفة، تستخدم لشراء عقارات أو ممتلكات أو أسهم أو أصول متنوعة، تدار على صفة محفظة استثمارية، لتحقيق أعلى عائد ممكن، ضمن مقدار المخاطر المقبول»، موضحة أن «مؤسسات الوقف من المؤسسات التي لعبت دوراً فاعلاً في تاريخ الحضارة الإسلامية، حيث كان الوقف هو الممول الرئيس لكثير من المرافق كالتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية ومنشآت الفكر والثقافة».
التوجه الحضاري
وتتابع الجندل: «في عصرنا الحاضر تزداد أهمية الوقف وتتضاعف الحاجة إلى إحياء هذه السنة النبوية، ومن هنا يمكن التأكيد على أن الصناديق الوقفية الجديدة، ستقوم بدور محوري لا يستهان به داخل المجتمع السعودي»، مبينة أن «هذا النوع من الصناديق سيقوم بترسيخ الوقف كصيغة تنموية فاعلة في البنيان المؤسسي للمجتمع، وستعمل على تفعيل إدارة الموارد الوقفية، بما يحقق المقاصد الشرعية للواقفين، وينهض بالمجتمع، ويعزز التوجه الحضاري الإسلامي المعاصر، إضافة إلى إيجاد مظلة تنسيق للواقفين، وأعني بها هيئة الأوقاف، والتي بدورها سوف تشجع هذا النوع من الصناديق والتي ستكون أيضا تحت إشراف هيئة السوق المالية»، موضحة أنه سيتم تطبيق لائحة الصناديق الوقفية ولائحة صناديق الاستثمار الصادرة من الهيئة على هذا النوع من الصناديق.
وتطرقت الجندل إلى الأحكام العامة للصناديق الوقفية والاشتراطات المعمولة بها، وتقول: «الهيئة العامة للأوقاف، ألزمت مديري الصناديق الوقفية بعدد من الاشتراطات، منها تقديم كشف يتضمن عدد وحدات الصناديق، وبيانات الواقفين، وإيداع الكشف لدى الهيئة عند تأسيس الصندوق وتحديث البيانات بشكل نصف سنوي»، مشيرة إلى أنه «لا يجوز تداول الوحدات الموقوفة أو استرداد قيمتها، كونها موقوفة، إضافة إلى التزام مديري الصناديق بأن تكون كافة وحدات الصناديق موقوفة للغرض نفسه، وعدم قبول أي اشتراكات مغايرة للغرض».
وأضافت: «وفقا لمسودة اشتراطات الترخيص للصناديق الاستثمارية الوقفية، فإن الحد الأدنى لتأسيس الصندوق، يجب ألا يقل عن 10 ملايين ريال، ويجب على مديري الصندوق الالتزام بسياسة الاستثمار، التي تشترط ألا تقل قيمة استثمارات الصندوق عن 75 في المئة من القيمة الإجمالية لأصول الصندوق، وذلك بحسب آخر قوائم مالية مدققة، وبشأن التوزيعات، كما يجب ألا تقل نسبة الأرباح الموزعة على الجهة المستفيدة عن 50 في المئة سنويا من صافي أرباح الصندوق القابلة للتوزيع (إن وجدت).
هذا وتهدف الصناديق الوقفية إلى الإسهام في تلبية الحاجات المجتمعية والتنموية، ورفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي، وزيادة معدلات الشفافية في الأنشطة غير الربحية بناءً على التزام الصناديق بالمتطلبات الواردة في لوائح صناديق الاستثمار الصادرة من هيئة السوق المالية.
المقومات الأساسية
وتناولت نورة الجندل، مجالات عمل الصناديق الوقفية، وقالت: «هذه المجالات تتسع لتشمل معظم متطلبات تنمية المجتمع، وما يلزم للوفاء بمختلف الاحتياجات الشعبية، وفي مقدمة هذه المجالات خدمة القرآن الكريم وعلومه ورعاية المساجد والتنمية العلمية، إضافة إلى تنمية البيئة والمجتمعات المحلية في المناطق السكنية المختلفة والتنمية الصحية والأسرية وقضايا الفكر والثقافة ودعم التعاون الإسلامي الخارجي ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من المعوقين وغيرهم».
وفيما يخص حوكمة الصناديق، أفادت الجندل أن «المقومات الأساسية التي يجب توفرها حتى يمكن تطبيق حوكمة الوقف، هي توفير القوانين واللوائح الخاصة بضبط الأداء الإداري لمؤسسة الوقف، ووجود لجان أساسية تابعة لمجلس الإدارة لمتابعة أداء المشروعات الوقفية، وتفعيل نظام التقارير، وقدرته على تحقيق الشفافية وتوفير المعلومات اللازمة»، مؤكدة أن «حوكمة الوقف ترسي العدل والمساءلة والمسؤولية والشفافية في المشروعات الوقفية، كما تضمن نزاهة المعاملات، وتعزز سيادة القانون ضد الفساد، بوضع الحدود بين الحقوق الخاصة والمصالح العامة، وتمنع إساءة استخدام السلطة».
المصدر: صحيفة نبض الخليج