استشارات المصارف والنظار
(21)
مصرف فقراء الحرم
أحد النظّار لديه وقف ينصّ على توزيع جزء مِن ريع الوقف لفقراء الحرم، والوقف قديم مِن سنين مضت، فمَن المقصود بفقراء الحرم؛ هل هم السعوديون والمقيمون إقامة نظامية، أم السعوديون فقط؟
وهل هم الساكنون داخل حدود الحرم، أو يدخل معهم مَن هم خارج حدود الحرم؛ مثل: النورية والشرائع وبعض القرى المجاورة لمكّة المكرَّمة؟
وهل الذين يأتون مِن الليث والقنفذة ووادي الكروالجموم يعتبرون مِن فقراء الحرم؟
الجواب:
وصْف الفقراء وكذلك الحرم، له ضابط فقهي معروف، فمتى عُلِم ذلك سهل تطبيق الشرط على الموقوف عليهم «فقراء الحرم» بسهولة وإتقان؛ فكل فقير يقيم داخل حدود الحرم المكي فهو داخل في الشرط بغض النظر عن وضعه النظامي وجنسيته وموطنه السابق، إقامة مستمرة أو مؤقّتة، المهم أنْ يعطيه في داخل حدود الحرم.
ولفقراء الحرم خصوصية عند الشافعية والحنابلة -رحمهم الله-، وهم كل مَن كان فيه من الفقراء المستوطنين، والمقيمين، والواردين من الحاج وغيرهم، قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (3/546): “مساكين أهل الحرم مَن كان فيه مِن أهله، أو وارد إليه مِن الحاج وغيرهم، وهم الذين يجوز دفع الزكاة اليهم”. اهـ.
وقال النووي رحمه الله في “المجموع شرح المهذب” (7/499): “مساكين الحرم سواءٌ الغرباء الطارئون والمستوطنون، لكنّ الصَّرْفَ إلى المستوطنين أفضل، وله أنْ يَخُصّ به أحد الصِّنْفَين”. اهـ.
وقال ابن تيمية رحمه الله في “شرح عمدة الفقه – كتاب الحج” (2/406): “تُفرَّق في الحَرَم للمساكين الذين به؛ من المستوطنين، والمقيمين، والواردين، وغيرهم، حتى لو جاء رجُلٌ مِن أهل الحِلِّ [إلى] أحدٍ في الحرم جاز” اهـ. بتصرُّف يسير.
فإن قيل: لماذا لم يقيدوا مساكين الحرم بأهله دون المقيمين والواردين من الحاج وغيرهم؟ فالجواب: أنّ الذي يتحرَّر مِن كلامهم – رحمهم الله – أنّ الملحوظ في الآيات تعيين المكان فقط، قال تعالى في جزاء الصيد: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: من الآية95]، وقال تعالى في هدي التمتع والقِرَان: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: من الآية 196]، وقالتبارك وتعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّه} [الفتح: من الآية25]، فلمّا اقتصر على تعيين المحل المكاني فقط، دلّ على أنّ المقصود مَنْ بهذا المكان مِن فقراء على سبيل الإطلاق. واتفقت المذاهب الأربعة على تعيين الحرم لهدي التمتُّع والقِرَان وهَدي الصيد. [انظر في المذهب الحنفي: بدائع الصنائع (2/174، 178)، والمالكي: المعونة (1/546،565)، والشافعي: المهذّب (1/294)، والحنبلي: المغني (3/545-546).
للتحميل أضغط على أيقونة التحميل