استشارات المصارف والنظار
(27)
حكم الوقف على البنات دون الذكور مع حاجة بعض الذكور
رجل أوقف عمارة تجارية على بناته دون أولاده الذكور، وتوفي ويود الآن جميع ورثته إبطال الوقف لما يرونه من ظلم في الوقف، خاصةً وأنّ أحد أولاده الذكور توفي وترك خلفه بناتٍ فقط فما الحل؟ وهل يمكن إبطال الوقف أو إبطال الشرط؟
والجواب:
إذا أثبت الوقف في حياته في المحكمة فالأصل أنه ماله، ويملك التصرف فيه حال حياته وصحته؛ ولكن إن كان هذا كل ماله، وترك بقية ذريته فقراء، فهل يمكن للقاضي أن ينقض هذا الوقف؟
إذا أثبت في المحكمة فيرفع دعوى وتنظر شرعاً، وإذا لم يثبت في المحكمة فترفع إثبات، ويقرر القاضي الحكم الشرعي في ذلك، وإذا أوقف الموقف من أجل حرمان بعض الورثة أو من أجل عدم استيلاء المدينين له ترفع للقضاء وينقض الوقف، والمسألة خلافية.
وأمّا الذُّريّة، فهي: أولاد الرجل وبناته وأولاد أولاده وإن سفلوا، ويدخل فيهم أولاد البنات على الراجح، وهي رواية عنأحمداختارها جمع؛ منهم: صاحب «الشرح الكبير».والرواية الأخرى: لا يدخلون، وهي المذهب، واختارها أكثر الأصحاب، قال في «الإقناع مع شرحه»: («وإن وقف إنسان على عقبه» أو عقب غيره أو نسله أو ولد ولده أو ذريته (دخل فيه) أي: الوقف. «ولد البنين، وإن نزلوا» لتناول اللفظ لهم «ولا يدخل» فيه «ولد البنات بغير قرينة»؛ لأنهم لا ينتسبون إليه، وعنه: يدخلون. قدّمها في المحرر والرعاية واختارها أبو الخطاب في الهداية؛ لأنّ البنات أولاده، وأولادهن أولاد أولاده حقيقة لقوله تعالى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِه دَاوُد} [الأنعام: 84] إلى قوله {وَعِيْسَى} [الأنعام: 85]، وهو ولد بنته، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ ابنِي هذا سَيِّد»، الحديث، يعني: الحسن. رواه البخاري، قال في الشرح: والقول بدخولهم أصح، وأقوى دليلاً). انتهى.
وقال في الإنصاف:ونقل عنه في الوصية: يدخلون. وذهب إليه بعض أصحابنا. وهذا مثله. قلت: بل هي هنا رواية منصوصة من رواية حرب. قال في القواعد: ومال إليه صاحب المغني. وهي طريقة ابنأبي موسى والشيرازي. قال الشارح: القول بأنهم يدخلون: أصح وأقوى دليلا. وصححه الناظم. واختاره أبوالخطاب في الهداية في الوصية وصاحب الفائق. وجزم به في منتخب الأدمي. وقدمه في المحرر، والرعايتين، والحاوي الصغير، وغيرهم. واختاره ابن عبدوس في تذكرته. ا.هـ.
والقول بدخولهم هو اختيار شيخ الإسلامابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.
للتحميل أضغط على أيقونة التحميل