كان في قريتنا مسجد صغير لا يتسع للمصلين في القرية فتم بعون الله بناء جامع كبير وحديث بجانب المسجد القديم .. وسؤالي هو هل يجوز بيع المسجد القديم وتحويل ثمنه لمسجد آخر حتى لا ينقطع ثواب الواقف الأول أم هل يجوز تحويله إلى مسجد للنساء أو مركز تحفيظ نسائي ؟ علما بأنه يوجد تحت الجامع الكبير مركز تحفيظ للأولاد ، أم هل يجوز أن نصلي فيه الفروض والجديد للجمع والمناسبات ؟
المفتي
موقع الإسلام سؤال وجواب
الجواب
الحمد لله الأصل في هذا أن الوقف إذا تعطلت منافعه ، مسجدا كان أو غيره ، جاز بيعه ووضع ثمنه في مثله . وذلك كأن يرحل أهل المحل عن محلهم ، ولا يبقى من يعمر المسجد ، أو ينتقلوا إلى مسجد قريب أوسع ، فيشرع حينئذ بيع المسجد الصغير ، ووضع ثمنه في بناء مسجد آخر في مكان يحتاج فيه إلى مسجد ، لكن ينبغي مراجعة الجهة المسئولة عن الأوقاف ، أو مراجعة المحكمة الشرعية ، لتتولي مسألة البيع ، والإشراف على بناء المسجد الجديد . قال ابن قدامة رحمه الله : ” الوقف إذا خُرِّب , وتعطلت منافعه , كدار انهدمت , ولم تمكن عمارتها , أو مسجد انتقل أهل القرية عنه , وصار في موضع لا يصلى فيه , أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه ، أو تشعب جميعه ( أي : تصدعت جدرانه ) ، فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه , جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته . وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه , بيع جميعه . قال الإمام أحمد : إذا كان في المسجد خشبتان , لهما قيمة , جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه ، وقال أيضاً : يحول المسجد خوفا من اللصوص , وإذا كان موضعه قذرا . قال القاضي : يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه ” انتهى من “المغني” (5/368) بتصرف . وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” وإذا تعطلت منفعة الوقف سواء كان مسجدا أو غيره جاز بيعه في أصح قوال العلماء, وتصرف قيمته في وقف آخر بدل منه مماثل للوقف الأول، حيث أمكن ذلك، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر بنقل مسجد الكوفة إلى مكان آخر؛ لمصلحة اقتضت ذلك. فتعطل المنفعة أولى بجواز النقل، والمسألة فيها خلاف بين العلماء؛ ولكن القول المعتمد جواز ذلك؛ لأن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها, وتعطيل المفاسد وتقليلها, وأمرت بحفظ الأموال, ونهت عن إضاعتها، ولا ريب أن الوقف إذا تعطل لا مصلحة في بقائه، بل بقاؤه من إضاعة المال، فوجب أن يباع ويصرف ثمنه في مثله ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (20/11). وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : يوجد لدينا مسجد صغير بناه المسلمون قبل عشر سنين ، وأصبح الآن يضيق بالمصلين ، والرغبة الآن متجهة إلى توسعة المسجد ، إلا أنه قد لا يتمكن من ذلك ، ويريد شراء قطعة أرض كبيرة يقيم عليها المسجد ومدرسة لأبناء المسلمين ومرافق أخرى ، ويسأل هل يجوز بيع أرض المسجد الحالي ليستعان بقيمتها في بناء المسجد الجديد ؟ فأجابت : ” إذا كان الأمر كما جاء في الاستفتاء من ضيق المسجد الحالي ، وأنه لا مجال لتوسعته ، وأن الضرورة تقضي بإيجاد مسجد واسع يسع المصلين ومدرسة لتعليم أولاد المسلمين ، ومرافق تخدم ذلك ، فإنه لا يظهر لنا مانع من بيع أرض المسجد الحالي وأنقاضه ، والاستعانة بثمن ذلك في شراء الأرض الواسعة في المكان المناسب ، وبناء المسجد والمدرسة ومرافقهما عليها ، لما في ذلك من المصلحة العامة ، لكن بشرط أن يتولى ذلك من تتوافر فيه الثقة والأمانة والدراية. وبالله التوفيق ” انتهى . عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. عبد الرزاق عفيفي .. عبد الله بن غديان … عبد الله بن منيع … “انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (16/38) . وسئلت اللجنة أيضا عن بناء مسجد كبير بجوار مسجد قديم ، وتحويل القديم إلى مدرسة لتعليم أبناء المسلمين ؟ فأجابت : ” لا مانع من إقامة المسجد الجديد ، وتقويم المسجد القديم بواسطة أهل الخبرة بالسعر أرضا وبناية ، وصرف قيمته في تعمير مسجد آخر في بلد محتاج إلى ذلك ، وجعل مكانه مدرسة لتعليم العلوم الشرعية ” انتهى . عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. عبد الرزاق عفيفي .. عبد الله بن غديان ” . “فتاوى اللجنة الدائمة” (16/60) . وبناء على ذلك فيجوز هدم المسجد القديم ، وبيع أنقاضه وأرضه ، ووضع الثمن في بناء مسجد آخر . كما يجوز تقويم المسجد بناء وأرضا ، بواسطة أهل الخبرة ، وصرف هذه القيمة في بناء مسجد آخر ، وجعل المبنى القديم مركزا للتحفيظ النسائي . والله أعلم .