أوقاف النقود..أفكار للتطوير …
ياسر بن عبد الرحمن آل عبد السلام
الأحد 25 / جمادى الأولى / 1431 هـ 9 / مايو / 2010 م
وقف النقود من المسائل القديمة الحديثة التي تناولها الفقهاء في كتبهم، وهو أن يقوم المتبرع بوقف مبلغ من النقود ليستفاد منه. وقد أجازها مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة في مسقط قرار رقم (15/6) 140 .
ولعلي أقف مع صور يمكن الاستفادة منها وتطبيقها في أوقاف النقود فمن ذلك القرض الحسن، حيث يعطى مال الوقف لمن يحتاج إليه ليرد بدله. ومن المعلوم أن في هذا تنفيسا عن كثير ممن يحتاج إلى المال ولا يجد من يقرضه، فمثلاً أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة يحتاجون إلى الدعم المالي، فعندما يمكنون عن طريق أوقاف النقود فهذا يدفع الفقراء وأصحاب الدخول البسيطه إلى الانطلاق في عالم التجارة والإنتاج والمشاركة في تنمية المجتمع، ومن المقترح أن تقوم المؤسسات الخيرية بعملية الإقراض لهؤلاء عن طريق إنشاء صندوق خيري من أموال أوقاف النقود لإقراض المحتاجين وفق آلية محددة وضمانات معينة بحيث تضمن التدفقات النقدية، كما يمكن أن تكون هناك سياسات للصندوق مثل أن ما يتم إقراضه لا يزيد على 60 في المائة من حجم الصندوق، و20 في المائة يجنب كاحتياطي نظامي، و20 في المائة يستثمر ليسهم في بقاء الصندوق ونموه، إلى غير ذلك من سياسات يمكن أن تحافظ على الصندوق واستمراريته.
كما يمكن أن يستفاد من وقف النقود عن طريق استثمار النقود في مشاريع واستثمارات شرعية تعود بالنفع على الوطن والمواطن والأرباح المتحققة تصرف في المجالات الموقفة من أجلها أي مصارف الوقف، على أن يراعى عند استثمار هذه الأموال عدم الدخول في استثمارات عالية المخاطر قد تذهب بأموال الوقف، كما يراعى تنويع الاستثمارات لتقليل المخاطر وتحقيق أرباح مناسبة، ومثل هذه الضوابط في الاستثمارات وغيرها تحتاج إلى إدارة متخصصة في الاستثمار؛ ولهذا أقترح أن تقوم المؤسسات المالية بحكم خبرتها الاستثمارية بإنشاء صناديق استثمار وقفية مثل أي صندوق استثماري لديها إلا أنه في نهاية كل عام مثلاً يقتطع نسبة من الأرباح المحققة لتصرف في المجالات الخيرية ويحتفظ بالنسبة المتبقية كاحتياطي يدعم الصندوق ويقويه، كل ذلك مقابل عمولات يأخذها مدير الصندوق كأجرة مقابل عمله وأتعابه. وإنشاء مثل هذا الصندوق له مزايا وفوائد كثيرة منها قدرة الواقفين على اختلاف درجاتهم المادية على المشاركة والمساهمة في صندوق وقف النقود، وكذلك قدرة الصندوق على دعم المشاريع الخيرية أكبر من الفرد العادي حيث إن مبالغ الصندوق وملاءته المالية تؤهله لتحقيق أرباح عالية ليتم صرفها.
ولعل من المستحسن ذكره في زماننا والذي تتسارع فيه الحياة نحو التطور والابتكار أن نستفيد من الأنواع المستجدة في الأوقاف، مثل وقف الأسهم والصكوك والصناديق الاستثمارية إلى غير ذلك وأن نحاول الإبداع بحيث لا يقتصر الوقف على أصحاب الأموال الكثيرة، بل حتى أصحاب الأموال القليلة من الممكن أن يسهموا في الوقف، وإنني أتطلع إلى الهيئة العامة للأوقاف والتي صدر القرار السديد بإنشائها أن تسهم في ذلك، وأن يكون إنشاؤها نقطة تحول في عالم الأوقاف مما يفيد الأوقاف وينميها ويفيد أفراد المجتمع كافة.
المصدر / صحيفة الاقتصادية