الأحد 20 صفر 1438هـ الموافق 20 نوفمبر 2016م
على الرغم من أهميتها وارتباطها بأبعاد شرعية تربى عليها المجتمع السعودي منذ سنوات، إلا أن ملف الأوقاف ظل فترة طويلة معطلاً، ودون المستوى المأمول، حتى أن جهود قطاع الأعمال والمهتمين بالوقف كانت أسرع وأكبر من الجهود الحكومية لقطاع الأوقاف.
وظل قطاع الأوقاف رغم أهميته الاقتصادية -يقدر عدد العقارات الوقفية بأكثر من 124 ألف عقار- إلا أن الاهتمام الحكومي لم يرَ النور قبل الموافقة على تأسيس الهيئة العامة للوقف، ومن ثم صدور قرار نظام الأوقاف في ٢٦ / ٢ / ١٤٣٧ هـ، وينتظر الجميع اكتمال تأسيس مجلس الأوقاف، وتعيين محافظها بعد أن تم إلحاقها بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
تحويل إدارة هذه الثروة التي تقدر بأكثر من سبعة تريليون ريال، من جهود فريدة تضيع فيها الحقوق، وتتعطل فيه استثمارات قطاع يمكن أن يكون رافداً مهماً للدخل القومي خاصة في متحصلات الزكاة، والضمان الاجتماعي، وتأهيل المعوقين، وأوجه الصرف الأخرى على الفقراء والمحتاجين.
وفقاً لرؤية المملكة 2030 لا تتجاوز مساهمة القطاع غير الربحي 0.3 بالمئة من الناتج المحلي، مقابل نسبة عالمية تصل إلى ستة بالمئة، ويُؤمل أن يسهم نظام الهيئة العامة للأوقاف في تمكين القطاع غير الربحي من التحوّل نحو المؤسسية، والعمل على تعزيز ذلك بدعم المشروعات والبرامج ذات الأثر الاجتماعي، وتسهيل تأسيس منظمات غير ربحية للأسر وأصحاب الثروات بما يسهم في نمو القطاع غير الربحي حتى 5% بحلول عام 2030.
إن الدور المنتظر من تنظيم العمل المؤسسي لقطاع الأوقاف، توعية أصحاب الثروات الراغبين في وقف جزء، أو كل ثروتهم، بأوجه الوقف المهمة ذات الأولوية، مثل المستشفيات، والإسكان، والعلاج للمحتاجين، والطرق، والمدارس، وأوقاف الجامعات التي تتجه إلى الاستقلال عن الدعم الحكومي.
إن المعوقات أمام القطاع التي دعت البعض إلى تحويل أوقافهم إلى خارج البلاد، لا يمكن القبول بها في ظل التحولات المهمة للمشهد التنموي في المملكة، وهنا نتحدث عن الأوقاف الخاصة، التي تعطلت بين فوضى النظارة (أحياناً)، وعراقيل بيع وشراء الأصول العقارية التي تصل إلى عدة سنوات، تتعطل فيها الأوقاف، وتعزز أحجام أصحاب الثروات من الدخول فيها واستغلالها.
أما الأوقاف العامة التي تشكل النسبة الأكبر من عموم الأوقاف في المملكة، فإنها تحتاج إلى رفع كفاءتها التشغيلية، وحسن استثمارها؛ وهو أمر لن يتأتى إلا بالعمل المؤسسي المنتظر من الهيئة العامة للأوقاف.