الأحد 10 رجب 1437هـ الموافق 17 آبريل 2016م
لا تبدو الجامعات الأميركية المرموقة والغنية مثل هارفارد وبرنستون وييل وغيرها موافقة على مطالب إلغاء الرسوم الجامعية، فهي رغم إعلان بعضها عن الهبات التي تملكها وتقدر بالملايين تتذرع بكونها وقفيات جلها مقيدة بشروط الواهبين.
فقد أعلنت جامعة هارفارد أنها تمتلك أوقافا تقدر بنحو 36 مليار دولار، فيما قالت جامعة برنستون إنها تملك نحو 23 مليار دولار في شكل هبات، وقد جاءت تصريحاتهما بعد مطالبة لجنتين في الكونغرس نهاية يناير/كانون الثاني الماضي 56 جامعة بالإفصاح عن مقدار الهبات التي تملكها وكيف يتم صرفها.
ووفق ما نشرته مجلة ذي إيكونومست بشأن التبرعات في الجامعات العالمية، فإن جامعة هارفارد وحدها تلقت أكبر قدر من الأوقاف، الأمر الذي حدا ببعض خريجيها الفاعلين في المجتمع الأميركي -من أمثال رالف نادر ورون أونز اللذين يأملان الفوز في انتخابات مجلس المشرفين على الجامعة- بالمطالبة بإعفاء الطلبة فيها من الرسوم الجامعية.
التعليم بين المجانية والاقتراض
كيفن إنريكوز طالب يدرس في جامعة نيوجيرسي للتكنولوجيا على حساب الحكومة الأميركية مثل آلاف الطلبة الذين يستوفون شروطا معينة، يقول إن الجامعات التي تحصل على التبرعات لا تستخدمها بالوجه الصحيح.
ويرى في تصريح للجزيرة نت أنه ينبغي مساعدة الكثير من الطلبة الذين لا يستطيعون الدراسة لا على حسابهم ولا على حساب الحكومة، وأولئك الذين يفضلون ألا يستخدموا قروض التعليم التي ستجبرهم على دفعها طوال حياتهم.
ورغم مساهمة والد وزوج جنان زيتون -وهي صحفية وإعلامية تخرجت مؤخرا من جامعة هارفارد بدرجة الماجستير في الصحافة- في تكاليف دراستها فإنها تمنت لو كان التعليم الجامعي مجانيا للجميع، وتقول إن المشكلة تكمن في أن أغلبية الطلبة المقبولين في هذه الجامعات من الأغنياء.
ويعتمد الطالب نابون بيتال -من جامعة نيوجيرسي للتكنولوجيا- في دراسته على قرض خاص وقرض آخر من شقيقه لأنه لم يستطع الحصول على قرض حكومي، وأهله لا يستطيعون مساعدته بالكثير، ويقول إنه لا يدري كيف سيتمكن من دفع ديونه في المستقبل.
غير أن للكاتب ورجل الأعمال الحاصل على درجة الدكتوراه في التعليم تيري مولنير رأيا آخر، فهو يعتقد أنه لا ينبغي أن يحدد التعليم الجامعي بالمستوى المادي للفرد بل بقدرة الطالب وموهبته، ومن ثم ينبغي أن يكون اليوم مجانيا مثلما كان عليه الحال بالنسبة للتعليم الثانوي في عام 1850.
وطالب مولنير -في حديثه للجزيرة نت- الجامعات الغنية بأن تدرك أنه مهما استوفى الطلاب شروط القبول فيها فإن الجانب المادي سيحول دون التحاقهم بها، مبديا استغرابه من أن الناس لا ينظرون إلى ميزانية الجيش الأميركي التي تقضم نصف الميزانية العامة للحكومة.
وأوضحت أرقام رسمية أن سبعة من كل عشرة طلاب تخرجوا في كليات عامة ومنظمات غير ربحية عام 2014 درسوا عن طريق القروض، بمتوسط قدره 28 ألفا و950 دولارا لكل مقترض.
وتبلغ صناديق التبرعات في جامعة هارفارد 13 ألفا تشكل مصدر دخلها حتى اليوم، لكنها لا تستخدم الأوقاف في العادة لخفض رسوم الدراسة بل تستغلها في تقديم بعض المساعدات لنحو 70% من طلبتها لدفع الرسوم وتكاليف المعيشة.
واقترح عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية نيويورك توم رايد في يناير/كانون الثاني الماضي مسودة قانون يطالب الأوقاف التي تزيد قيمة ممتلكاتها عن مليار دولار بتخصيص 25% من دخلها للمساعدات المالية للطلبة وإلا فسوف يتم إلغاء إعفائها من الضريبة.
ورغم أن الجامعات تدافع عن نفسها بالتأكيد بأنها تدفع مبالغ كبيرة لمساندة الطلبة لكنها تقول إن إجبارها على إلغاء رسوم الدراسة ودفعها من التبرعات سيجعلانها عرضة للمقاضاة القانونية، لأن معظم تلك التبرعات مقيدة، بمعنى أن المتبرعين يلزمون الجامعة بكيفية إنفاقها ويكون ذلك في الأغلب على أمور، مثل تأسيس كرسي أو تقديم منحة دراسية أو بناء مختبر جديد.