الأحد 2 ذو القعدة 1434هـ 8 سبتمبر2013م
إن المجتمع المسلم مجتمع متراحم متكافل يرحم الكبير فيه الصغير، ويعطف فيه الغنيُّ على الفقير، ويأخذ القويُّ بيد الضعيف، وهو كما صوَّره الرسول الكريم: كالجسد الواحد، وكالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا.تسود هذا المجتمع عواطفُ خيِّرة، ومشاعرُ إنسانية نبيلة، تفيض بالخير والبرِّ، وتتدفَّق بالرحمة والإحسان، تجلَّت هذه المشاعر والعواطف فيما عُرف بنظام (الوقف الخيري) عند المسلمين.
والوقف لا يقتصر على أماكن العبادة فحسب بل امتدّ في نفعه إلى عموم أوجه الخير في المجتمع . وشمول منافع الوقـف حتى على غير المسلمين.
إن لمؤسسة الوقف الإسلامي العريقة الأثر الواضح في عملية التنمية البشرية التي تُعنى ببناء الإنسان بجميع جوانبه الروحية والعقلية والجسدية، وذلك من خلال تركز أموال الوقف في بناء المساجد والجوامع، والمدارس والجامعات والمكتبات وكفالة الدعاة وتركيزها على جانب العقل والجسم ببناء المستشفيات والمراكز الصحية والمارستانات ونحوها. فما أحوج المجتمعات الإسلامية في هذا العصر إلى وجود مؤسسات وقفية، تُعنى بكثير من شؤون حياتهم وذلك ان متطلبات الحياة قد تتوافر في مكان، بينما نجد أماكن أخرى يعيش أهلها في ضيق من العيش.
من أمثلة الأموال الوقفية في هذا العصر، الجمعيات الأهلية التي تهدف إلى البر والإحسان، ويقوم على تأسيسها رجال أعمال في حياتهم ويتبرعون لها بالأموال التي تدفعها بعد ذلك إلى الاستمرار وتكون صدقة جارية لرجال الأعمال هؤلاء،
وقد تطورت الأوقاف لدى المسلمين في صورة لا نظير لها في أمم الأرض، فقد شهدت نمواً كبيراً إلى أن باتت ذات أثر رئيسي في كفاية ذوي الحاجات، وتنوعت مجالاتها، فلم تدع فئة من المجتمع تفتقر إلى العون إلاّ وشملتها بالعناية، يستوي في ذلك الأيتام والفقراء والمساكين والأرامل والمرضى والعجزة والمسنون والمعاقون وطلبة العلم وعابرو السبيل وغيرهم.
ومن أهم العقبات التي تقف في طريق الدعوة قلة الموارد، وضيق سبل الإنفاق على المشاريع الدعوية. ..والحل نابع من حضارتنا ومن تاريخنا، وهو العودة لنظام الأوقاف، فبهذا النظام يتم تأمين الموارد المالية التي يمكن من خلالها تغطية نفقات المشروعات الدعوية، بالإضافة إلى إيجاد الاستقلال النسبي. فالوقف في اللغة معناه حبس مال أو ممتلكات لاستغلالها في كافة أوجه البر والخير.
لقد استحدثت صيغ جديدة لاستثمار أموال الوقف لم تكن موجودة في صدر الدولة الإسلامية منها: المشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع الموازي، والمساهمات في رؤوس أموال الشركات كالأسهم والصكوك وسندات المقارضة، وكذلك الاستثمار لدى المؤسسة المالية الإسلامية مثل:
المصارف الإسلامية ومؤسسات الاستثمار الإسلامي، وصناديق الاستثمار الإسلامي وما في حكم ذلك، ولقد عرضت هذه الصيغ على مجامع الفقه الإسلامي فأجازتها ووضعت لها الضوابط الشرعية التي تحكم التعامل معها والتي تحتاج إلى صياغتها في شكل دليل شرعي لتكون مرشداً في التطبيق العملي.
وفي ظل الظروف الراهنة، والأوضاع التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذا العصر، تجدد الاهتمام بالوقف، وتركز البحث والتفكير حول نظامه ومؤسساته وأحكامه بحثاً عن أحسن الطرق لتطوير أعماله ومضاعفة الاستفادة من خيراته. وتعتبر المحافظة على أموال الوقف وتنميته ضرورة شرعية وذلك بهدف استمرارية تقديم المنافع للمستفيدين منه، ويعتبر القائمون على أمر إدارة هذه الأموال (سواء أكانوا نظاراً أو هيئة أو مركزاً أو نحو ذلك) مسئولين أمام الواقف وأمام المستفيدين وأمام المجتمع بصفة عامة عن أي تقصير أو إهمال أو تعدٍ في استثمارها، بالإضافة إلى المساءلة أمام الله عزَّ وجلَّ في الآخرة وذلك باعتبار تلك الأموال من ذات المنافع العامة التي حرمت الشريعة الإسلامية الاعتداء عليها.
ومن أمثلة الأموال الوقفية في هذا العصر، الجمعيات الأهلية التي تهدف إلى البر والإحسان، ويقوم على تأسيسها رجال أعمال في حياتهم ويتبرعون لها بالأموال التي تدفعها بعد ذلك إلى الاستمرار وتكون صدقة جارية لرجال الأعمال هؤلاء، ويقوم بعد ذلك على إدارتها واستثمار أموالها والتبرع بهذه الأموال في وجوه الخير، مجلس إدارة يعين طبقاً للقانون المنظم لإنشاء الجمعيات الأهلية وتشرف الدولة وأجهزتها الرقابية على أداء هذا المجلس، حيث إن وجدت منه تقصيراً أو إهمالاً قامت بإعادة تشكيل مجلس الإدارة.
بذلك ينشط المجتمع ويزداد التراحم، وتكون المسؤولية مجتمعية بحيث لا تتحمل الدولة الكثير والكثير من النفقات التي يحتاج لها الفقراء وأصحاب الحاجة. وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى وجعلنا نافعين لأمتنا الإسلامية.
المصدر: لجنة الأوقاف بغرفة الشرقية.