شركة ثبات لتطوير وإدارة الأوقاف

خبير اقتصادي يؤكد أن البنوك الإسلامية أحجمت عن تمويل الفقراء والاهتمام بالوقف

خلال محاضرة كرسي الدراسات المصرفية الإسلامية في جامعة الإمام

الرياض: «الشرق الأوسط»

وصف خبير في الاقتصاد الإسلامي شريعة «الوقف» بأنه من المواضيع الحيوية التي تجدد الحاجة إليه باستمرار حاجة المجتمع إلى التطور والتقدم، على اعتبار أنه إحدى وسائل التنمية المجتمعية إذا أحسن استغلاله واستمر ضمن الإطار الحقيقي لمضمونه.

وقدم الدكتور محمد أنس مصطفى الزرقا، خبير الاقتصاد الإسلامي، صيغة عملية وجديدة لإقامة وقف نقدي لتمويل مشاريع إنتاجية صغيرة للفقراء، حيث يعتمد هذا الوقف على مبالغ موقوفة يكفي ريعها على الأقل لتغطية نفقات إدارة الوقف والمحافظة عليه، وذلك من خلال جمع أموال نقدية لصيغة وقف مؤقت من مساهمين لهم ودائع تحت الطلب لدى البنوك يقومون بتقديم جزء منها قرضا حسنا مؤقتا لهذا الوقف. وتابع الزرقا أنه بهذا المقترح يضمن الوقف هذه القروض ويستخدمها لتمويل الفقراء الموقوف عليهم، وبحيث لا يطلب أي ضمانات مالية عند تقديم التمويل من هذا الوقف يستعاض عنها بالضمانات الشخصية والعائلية والاجتماعية، حتى لا يفرغ هذا الوقف من مضمونه الذي أنشئ من أجله، وهو تمويل المشاريع الصغيرة للفقراء، كذلك يمكن أن يقوم هذا المشروع في صيغة جمعية تعاونية نشاطها الأساس تقديم التمويل من بعض أعضائها لبعض.

وأضاف الخبير المصرفي خلال المحاضرة، التي أقامها كرسي الشيخ محمد الراشد للدراسات المصرفية الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مؤخرا، أن أهمية هذا المشروع تنبع من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لتمويل المشاريع الصغرى للفقراء باعتبارها وسيلة فاعلة في مكافحة الفقر والحد من البطالة التي تعانيها المجتمعات الإسلامية.

وأكد الزرقا أن الهدف الرئيس للاقتصاد الإسلامي هو كفالة الحد الأدنى من المعيشة لكل أفراد المجتمع، ذلك الهدف السامي للشريعة الإسلامية التي تعتبر تحقيقه فرض عين على الفرد نفسه، فإذا لم يستطع انتقل إلى أقاربه الأغنياء، فإن امتنعوا ينتقل إلى صندوق الزكاة، فإذا لم يوجد شيء في الصندوق فبيت المال يتولى مسؤولية تحقيقه، فإن تعسر وجب على ولي الأمر أن يفرض ضريبة على الأغنياء لمساعدة الفقراء والمحتاجين.

ويضيف أن عجز الفقير عن الكسب كان قابلا للعلاج بتمويل خيري لمشروع إنتاجي يقوم به أو مهارة يكتسبها أو يتعلمها، فإن توفير هذا التمويل يعد من الضروريات الشرعية، لأنه يعين الفقير على أداء فرض عين ويسهم في تحقيق هدف جوهري يمثل أعلى الأهداف التي ينشدها الاقتصاد الإسلامي.

وفي ما يتعلق بإحجام الصناعة المالية الإسلامية عن التمويل الخيري للفقراء، أوضح الزرقا أن القرض الحسن يعتبر تمويلا خيريا خالصا، لكنه أشار إلى أن أي تمويل بصيغة أخرى يمكن أن يعد خيريا، خاصة إذا قدم للفقراء بشروط أيسر مما يقدم على أسس تجارية وربحية. وبالنسبة إلى المؤسسات المالية الإسلامية منذ إقامتها قبل 30 سنة إلى اليوم، ذكر أنس الزرقا أنها مقصرة بل محجمة عن تقديم التمويل الخيري للفقراء، حيث يرى أن النشاط التجاري هو السمة الغالبة عليها متجنبة أي معاملات محرمة كالربا والغرر وخلافه، لدرجة أن كثيرين ينتقدونها من حيث إنها تهمل دورها التنموي ومسؤوليتها الإنتاجية.