الأحد 7 شعبان 1434هـ 16 يونيو 2013م
أيام تفصلنا عن شهر رمضان المبارك ، والذي يسعى فيه المسلمون إلى تجسيد معان سامية، وترجمة لفعاليات ذات طابع تنموي اجتماعي ، ومسؤول في آن واحد، بغية المساهمة في تنمية المجتمعات ، وتحقيق الأجر والثواب. فالعلاقة بين الإسلام والتنمية على اختلاف مسمياتها شاملة، بشرية ومستديمة،واقتصادية،هي علاقة اتصال وتكامل. وهذه العلاقة ساهمت في تمكين الإسلام من إحداث تحول شامل في عقائد الناس، وسلوكهم وأخلاقهم. كما جعل الإسلام الإنسان هدفاً أساسياً للعملية التغييرية التنموية، بما أودع الله فيه من قدرات جسدية، وذهنية.والمسلمون يدركوا أن العمل الدءوب هو عبادة لله ، وأنهم مأمورون شرعاً بأن يتحركوا. وأنهم سيحاسبون إذا فرطوا أو قصروا في عملهم. وذلك يوضح بعض ملامح التنمية من منظور إسلامي مما يجعلها مميزة عن باقي النماذج. أما التنمية في الغرب فقد اتخذت شكلاً مادياً بحتاً، وركزت على الحياة الاقتصادية فقط، وأهملت الجانب الديني، والضمير، والجانب الأخلاقي والاجتماعي في الإنسان. جاء ذلك في دراسة نشرها مجلس المسؤولية الاجتماعية في الرياض حول” المسؤولية الاجتماعية من منظور إسلامي”.
ومن هنا فالعالم الإسلامي بحاجة إلى أن ينطلق مساره نحو التنمية من مبادئ الشريعة الإسلامية ،والتي تساهم في تفعيل برامج التنمية وتعطيها الزخم والدافعية التي تحتاجها لتستمر.
ومن النماذج المضيئة للمسؤولية الاجتماعية في الحضارة الاجتماعية نظام الوقف الإسلامي، والذي يعد من أسمى الأنظمة الاقتصادية التي أسهمت ببناء المجتمعات الإسلامية على مر العصور حيث ساهم في بناء صروح العلم، ونشرها عن طريق المساجد والكتاتيب والمدارس …الخ. وتخرج من تلك المؤسسات العلمية عدد مرموق من العلماء في شتى العلوم والمعارف مثل الخوارزمي، وجابر ابن حيان، والرازي وابن سينا، وغيرهم. ورغب الإسلام في الوقف وجعل له جزءا متميزاً لا ينقطع بموت صاحبه، وتعد الأوقاف المنتشرة في المجتمعات الإسلامية مفخرة للنظام الإسلامي.
ويعد نظام الوقف مصدراً مهماً لحيوية المجتمع وفاعليته وتجسيداً حياً لقيم التكافل الاجتماعي ،وترسيخاً لمفهوم الصدقة الجارية ومنافعها المستمرة والمتجددة. وأما في مجال الدعوة فهناك نماذج مضيئة كثيرة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي تكفل بتجهيز جيش العسرة، وتبرع بثلث ماله لتجهيز جيش المسلمين، والسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ،والتي بذلت مالها وجهدها لمساعدة الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه والذي بذل ماله في خدمة الإسلام والمسلمين في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته .